أي: وقد بيَّن الله لكم فيما أنزل عليكم حكمه الشرعيَّ عند حضور مجالس الكفر والمعاصي،
{أن إذا سمعتُم آياتِ الله يُكْفَرُ بها ويستهزَأ بها}؛ أي: يُستهان بها، وذلك أن الواجب على كل مكلَّف في آيات الله الإيمانُ بها وتعظيمُها وإجلالها وتفخيمها، وهذا المقصود بإنزالها، وهو الذي خَلَقَ الله الخَلْق لأجله؛ فضدُّ الإيمان الكفر بها، وضدُّ تعظيمها الاستهزاء بها واحتقارها، ويدخل في ذلك مجادلة الكفار والمنافقين لإبطال آيات الله ونصر كفرهم، وكذلك المبتدعون على اختلاف أنواعهم؛ فإن احتجاجَهم على باطلهم يتضمَّن الاستهانة بآيات الله؛ لأنها لا تدل إلاَّ على الحقِّ ولا تستلزمُ إلاَّ صدقاً، بل وكذلك يدخل فيه حضور مجالس المعاصي والفسوق التي يُستهان فيها بأوامر الله ونواهيه، وتقتحم حدودُه التي حدَّها لعباده. ومنتهى هذا النهي عن القعود معهم
{حتى يخوضوا في حديثٍ غيره}؛ أي: غير الكفر بآيات الله والاستهزاء بها.
{إنَّكم إذاً}؛ أي: إن قعدتُم معهم في الحال المذكور
{مثلُهم}: لأنكم رضيتُم بكفرِهم واستهزائِهِم، والراضي بالمعصية كالفاعل لها، والحاصل أنَّ مَن حَضَرَ مجلساً يُعصى الله به؛ فإنه يتعيَّن عليه الإنكار عليهم مع القدرة أو القيام مع عدمها.
{إنَّ الله جامع المنافقين والكافرين في جهنَّم جميعاً}؛ كما اجتمعوا على الكفر والموالاة، ولا ينفع المنافقين مجرَّد كونِهم في الظاهر مع المؤمنين؛ كما قال تعالى:
{يوم يقولُ المنافقون والمنافقاتُ للَّذين آمنوا انظُرونا نَقْتَبِسْ من نورِكم ... } إلى آخر الآيات.