ثم فصَّل حكمهَ فيهم، فقال: {فأمَّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات}؛ أي: جمعوا بين الإيمان المأمور به وعمل الصالحات من واجبات ومستحبَّات من حقوق الله وحقوق عباده، {فيوفِّيهم أجورَهم}؛ أي: الأجور التي رتَّبها على الأعمال كل بحسب إيمانه وعمله، {ويزيدُهم من فضله}: من الثَّواب الذي لم تَنَلْهُ أعمالُهم ولم تَصِلْ إليه أفعالُهم ولم يخطُرْ على قلوبِهِم، ودَخَلَ في ذلك كلُّ ما في الجنَّة من المآكل والمشارب والمناكح والمناظر والسُّرور ونعيم القلب والرُّوح ونعيم البدن، بل يدخل في ذلك كلُّ خير دينيٍّ ودنيويٍّ رُتِّب على الإيمان والعمل الصالح. {وأمّا الذين اسْتَنكَفوا واسْتَكْبَروا}؛ أي: عن عبادة الله تعالى، {فيعذِّبُهم عذاباً أليماً}، وهو سخط الله وغضبه والنار الموقَدة التي تطَّلع على الأفئدة، {ولا يَجِدون لهم مِن دون الله وليًّا ولا نصيراً}؛ أي: لا يجدون أحداً من الخلق يتولاَّهم فيحصِّل لهم المطلوبَ، ولا من ينصُرُهم فيدفعُ عنهم المرهوبَ، بل قد تَخَلَّى عنهم أرحم الراحمين وتَرَكَهم في عذابِهم خالدين، وما حكم به تعالى؛ فلا رادَّ لحكمِهِ ولا مغيِّرَ لقضائِهِ.