وهذا من قبائح اليهود وحسدِهم للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين؛ أنَّ أخلاقَهم الرذيلة وطبعَهم الخبيث حَمَلَهم على ترك الإيمان باللهِ ورسوله والتعوُّض عنه بالإيمان بالجبت والطاغوت، وهو الإيمان بكلِّ عبادةٍ لغير الله أو حكم بغير شرع الله، فدخل في ذلك السِّحر والكهانة وعبادة غير الله وطاعة الشيطان، كلُّ هذا من الجبت والطاغوت، وكذلك حَمَلَهُمُ الكفر والحسد على أن فضَّلوا طريقة الكافرين بالله عبدةِ الأصنام على طريق المؤمنين، فقال:
{ويقولون للذين كفروا}؛ أي: لأجلهم تملُّقاً لهم ومداهنةً وبغضاً للإيمان:
{هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً}؛ أي: طريقاً؛ فما أسْمَجَهم وأشدَّ عنادهم وأقلَّ عقولهم! كيف سلكوا هذا المسلك الوخيم والواديَ الذَّميم؟! هل ظنُّوا أنَّ هذا يروج على أحدٍ من العقلاء أو يدخل عقلَ أحدٍ من الجهلاء؟! فهل يَفْضُلُ دينٌ قام على عبادة الأصنام والأوثان، واستقام على تحريم الطيِّبات وإباحة الخبائث وإحلال كثيرٍ من المحرَّمات، وإقامة الظلم بين الخَلْق وتسوية الخالق بالمخلوقين، والكفر بالله ورسله وكتبه على دينٍ قام على عبادة الرحمن، و
الإخلاص لله في السرِّ والإعلان والكفر بما يُعْبَدُ من دونه من الأوثان والأنداد والكاذبين، وعلى صلة الأرحام والإحسان إلى جميع الخَلْق حتى البهائم، وإقامة العدل والقسط بين الناس وتحريم كلِّ خبيث وظلم ومصدق في جميع الأقوال والأعمال؟! فهل هذا إلاَّ من الهذيان؟! وصاحب هذا القول إما من أجهل الناس وأضعفهم عقلاً، وإما من أعظمهم عناداً وتمرداً ومراغمة للحق، وهذا هو الواقع.