سورة النساء تفسير السعدي الآية 58

۞ إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَـٰنَـٰتِ إِلَىٰۤ أَهۡلِهَا وَإِذَا حَكَمۡتُم بَیۡنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحۡكُمُواْ بِٱلۡعَدۡلِۚ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا یَعِظُكُم بِهِۦۤۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِیعَۢا بَصِیرࣰا ﴿٥٨﴾

تفسير السعدي سورة النساء

الأمانات كلُّ ما اؤتُمِنَ عليه الإنسان وأُمِرَ بالقيام به، فأمر اللهُ عباده بأدائِها؛ أي: كاملة موفَّرة لا منقوصة ولا مبخوسةً ولا ممطولاً بها، ويدخُلُ في ذلك أماناتُ الولايات والأموال والأسرار والمأمورات التي لا يطَّلع عليها إلا الله. وقد ذكر الفقهاء على أنَّ مَن اؤتُمِنَ أمانة؛ وَجَبَ عليه حفظُها في حِرْز مثلها؛ قالوا: لأنه لا يمكنُ أداؤها إلاَّ بحفظها، فوجب ذلك. وفي قوله: {إلى أهلها}: دلالة على أنها لا تُدْفَعُ وتؤدَّى لغير المؤتَمِن، ووكيلُهُ بمنزلتِهِ؛ فلو دفعها لغير ربِّها؛ لم يكن مؤدِّياً لها. {وإذا حكمتُم بين الناس أن تحكُموا بالعدل}: وهذا يشمل الحكم بينهم في الدِّماء والأموال والأعراض؛ القليل من ذلك والكثير، على القريب والبعيد والبَرِّ والفاجر والوليِّ والعدوِّ. والمراد بالعدل الذي أمر الله بالحكم به هو ما شَرَعَهُ الله على لسان رسولِهِ من الحدود والأحكام، وهذا يستلزم معرفة العدل ليحكُمَ به، ولما كانت هذه أوامر حسنةً عادلةً؛ قال: {إنَّ الله نِعمَّا يَعِظُكُم به، إنَّ اللهَ كان سميعاً بصيراً}: وهذا مدحٌ من الله لأوامره ونواهيه؛ لاشتمالها على مصالح الدارين ودفع مضارِّهما؛ لأنَّ شارعها السميع البصير الذي لا تَخْفى عليه خافيةٌ ويعلم من مصالح العباد ما لا يعلمون.