ثم أقسم تعالى بنفسِهِ الكريمة أنَّهم لا يؤمنون حتَّى يحكِّموا رسولَهُ فيما شَجَرَ بينَهم؛ أي: في كل شيء يحصُلُ فيه اختلافٌ؛ بخلاف مسائل الإجماع؛ فإنَّها لا تكون إلاَّ مستندةً للكتاب والسنَّة، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى ينتفي الحرجُ من قلوبِهِم والضيقُ. وكونُهم يحكِّمونه على وجه الإغماض، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى يسلِّموا لحكمِهِ تسليماً بانشراح صدرٍ وطمأنينةِ نفس وانقيادٍ بالظاهر والباطن؛ فالتحكيم في مقام الإسلام، وانتفاء الحرج في مقام الإيمان، والتسليم في مقام الإحسان؛ فمَن استكمل هذه المراتبَ وكمَّلها؛ فقد استكمل مراتبَ الدِّينِ كلَّها، فمَن ترك هذا التحكيم المذكورَ غير ملتزم له؛ فهو كافر، ومَن تركه مع التزامه؛ فله حكمُ أمثالِهِ من العاصين.