ثم قال تعالى: {ما أصابك من حسنة}؛ أي: في الدين والدنيا {فمن الله}: هو الذي مَنَّ بها ويَسَّرَها بتيسير أسبابها، {وما أصابك من سيِّئة}: في الدِّين والدُّنيا {فمن نفسِكَ}؛ أي: بذنوبك وكسبك وما يعفو الله عنه أكثر؛ فالله تعالى قد فَتَحَ لعبادِهِ أبوابَ إحسانِهِ وأمَرَهم بالدُّخول لبرِّهِ وفضلِهِ، وأخبرهم أنَّ المعاصي مانعةٌ من فضلِهِ؛ فإذا فَعَلَها العبد؛ فلا يلومنَّ إلاَّ نفسَه؛ فإنَّه المانعُ لنفسِهِ عن وصول فضل اللهِ وبِرِّهِ. ثم أخبر عن عموم رسالةِ رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقال: {وأرسلناكَ للنَّاسِ رسولاً وكفى باللهِ شهيداً}: على أنك رسولُ الله حَقًّا بما أيَّدك بنصرِهِ والمعجزاتِ الباهرة والبراهين الساطعةِ؛ فهي أكبر شهادةً على الإطلاق؛ كما قال تعالى: {قلْ أيُّ شيءٍ أكبرُ شهادةً قل اللهُ شهيدٌ بيني وبينَكم}؛ فإذا علم أنَّ الله تعالى كامل العلم تامُّ القدرة عظيم الحكمة وقد أيَّد اللهُ رسولَه بما أيَّده ونَصَرَهُ نصراً عظيماً؛ تيقَّن بذلك أنَّه رسولُ الله، وإلاَّ؛ فلو تقوَّل عليه بعضَ الأقاويل؛ لأخذ منه باليمينِ ثم لَقَطَعَ منه الوتينَ.