وهذا من أحكام الله الحسنة الجليلة الجابرة للقلوب، فقال: {وإذا حضر القسمة}؛ أي: قسمة المواريث، {أولو القربى}؛ أي: الأقارب غير الوارثين بقرينة قوله: {القسمة}؛ لأن الوارثين من المقسوم عليهم، {واليتامى والمساكين}؛ أي: المستحقون من الفقراء؛ {فارزقوهم منه}؛ أي: أعطوهم ما تيسَّر من هذا المال الذي جاءكم بغير كدٍّ ولا تعب ولا عَناءٍ ولا نَصَبٍ؛ فإنَّ نفوسَهم متشوفةٌ إليه وقلوبَهم متطلعةٌ؛ فاجبُروا خواطرهم بما لا يضركم وهو نافعهم. ويؤخذ من المعنى أنَّ كل مَنْ له تطلُّع وتشوُّف إلى ما حضر بين يدي الإنسان ينبغي له أن يعطِيَهُ منه ما تيسَّر؛ كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا جاء أحدكم خادمه بطعامه؛ فليُجْلِسْه معه؛ فإن لم يُجْلِسْه معه؛ فليناوله لقمة أو لقمتين» ، أو كما قال. وكان الصحابة رضي الله عنهم إذا بدأت باكورة أشجارهم؛ أتوا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَبَرَّكَ عليها، ونظر إلى أصغر وليد عنده، فأعطاه ذلك؛ علماً منه بشدة تشوفه لذلك، وهذا كله مع إمكان الإعطاء؛ فإن لم يمكن ذلك لكونه حقَّ سفهاء أو ثَمَّ أهمُّ من ذلك؛ فليقولوا لهم {قولاً معروفاً}؛ يردُّونهم ردًّا جميلا بقول حسن غير فاحش ولا قبيح.