سورة غافر تفسير السعدي الآية 25

فَلَمَّا جَاۤءَهُم بِٱلۡحَقِّ مِنۡ عِندِنَا قَالُواْ ٱقۡتُلُوۤاْ أَبۡنَاۤءَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ وَٱسۡتَحۡیُواْ نِسَاۤءَهُمۡۚ وَمَا كَیۡدُ ٱلۡكَـٰفِرِینَ إِلَّا فِی ضَلَـٰلࣲ ﴿٢٥﴾

تفسير السعدي سورة غافر

{فلمَّا جاءَهم بالحقِّ من عندِنا}: وأيَده الله بالمعجزات الباهرةِ الموجبة لتمام الإذعانِ؛ لم يقابلوها بذلك، ولم يكفِهِم مجرَّدُ الترك والإعراض، بل ولا إنكارها ومعارضتها بباطلهم، بل وصلتْ بهم الحالُ الشنيعة إلى أن {قالوا اقْتُلوا أبناءَ الذين آمنوا معه واسْتَحْيوا نساءَهم وما كَيْدُ الكافرينَ}: حيث كادوا هذه المكيدَة وزعموا أنَّهم إذا قَتَلوا أبناءَهم لم يَقْوَوْا، وبَقُوا في رقِّهم وتحت عبوديَّتهم. فما كيدهم {إلاَّ في ضلال}: حيث لم يتمَّ لهم ما قصدوا، بل أصابهم ضدُّ ما قصدوا، أهلكهم اللهُ، وأبادَهم عن آخرِهم. قاعدة: وتدبَّر هذه النكتة التي يكثر مرورُها بكتاب الله تعالى إذا كان السياقُ في قصَّة معيَّنة أو على شيء معيَّن، وأراد الله أن يحكُمَ على ذلك المعيَّن بحكم لا يختصُّ به؛ ذَكَرَ الحُكْمَ وعلَّقه على الوصف العامِّ؛ ليكون أعمَّ، وتندرج فيه الصورةُ التي سيق الكلام لأجلها، وليندفع الإيهام باختصاص الحكم بذلك المعيَّن؛ فلهذا لم يقلْ: وما كيدُهم إلاَّ في ضلال، بل قال: {وَما كَيْدُ الكافرين إلاَّ في ضلال}.