ثم قرَّر هذا التوحيدَ بأنه الخالق لكم والمطوِّر لخلقتِكم؛ فكما خلقكم وحدَه؛ فاعبدوه وحدَه، فقال: {هو الذي خَلَقَكم من ترابٍ}: وذلك بخلقة أصلكم وأبيكم آدم عليه السلام، {ثم من نطفةٍ}: وهذا ابتداءُ خلق سائر النوع الإنسانيِّ ما دام في بطن أمِّه، فنبَّه بالابتداء على بقيَّة الأطوار من العلقة فالمضغة فالعظام فنفخ الروح، {ثم يخرِجُكم طفلاً ثم}: هكذا تنتقلون في الخلقة الإلهية حتى {تبلغوا أشدَّكم}: من قوة العقل والبدن وجميع قواه الظاهرة والباطنة، {ثم لِتكونوا شيوخاً ومنكم مَنْ يُتَوَفَّى من قبلُ}: بلوغ الأشدِّ، {ولِتَبْلُغوا}: بهذه الأطوار المقدَّرة [إلى] أجَلٍ {مسمًّى}: تنتهي عنده أعمارُكم. {ولعلَّكم تعقلونَ}: أحوالكم فتعلمونَ أنَّ المطورَ لكم في هذه الأطوار كامل الاقتدار، وأنَّه الذي لا تنبغي العبادةُ إلاَّ له، وأنَّكم ناقصون من كلِّ وجه.