ويقال {لهم أين ما كنتُم تشركونَ. من دونِ الله}: هل نفعوكم أو دفعوا عنكم بعضَ العذاب؟! {قالوا ضلُّوا عنَّا}؛ أي: غابوا ولم يحضُروا، ولو حَضَروا؛ لم ينفعوا. ثم إنَّهم أنكروا فقالوا: {بل لم نكنْ ندعو من قبلُ شيئاً}: يُحتمل أنَّ مرادهم بذلك الإنكار، وظنُّوا أنه ينفعهم ويفيدهم، ويُحتمل ـ وهو الأظهر ـ أنَّ مرادهم بذلك الإقرار على بطلان إلهيَّة ما كانوا يعبدون، وأنَّه ليس لله شريكٌ في الحقيقة، وإنَّما هم ضالُّون مخطئون بعبادة معدوم الإلهية، ويدلُّ على هذا قوله تعالى: {كذلك يُضِلُّ الله الكافرين}؛ أي: كذلك الضلال الذي كانوا عليه في الدنيا الضلال الواضح لكلِّ أحدٍ، حتى إنهم بأنفسهم يقرُّون ببطلانه يوم القيامة، ويتبيَّن لهم معنى قوله تعالى: {وما يَتَّبِعُ الذين يدعونَ من دون الله شركاءَ إن يَتَّبِعونَ إلاَّ الظنَّ}، ويدلُّ عليه قوله تعالى: {ويوم القيامةِ يكفُرون بشِرْكِكُم}، {ومن أضلُّ ممَّن يدعو من دون الله مَنْ لا يستجيبُ له إلى يوم القيامةِ ... } الآيات.