{فإن يَصْبِروا فالنارُ مثوىً لهم}: فلا جَلَدَ عليها ولا صبرَ، وكلُّ حالة قُدِّرَ إمكانُ الصبر عليها؛ فالنار لا يمكن الصبرُ عليها، وكيف الصبرُ على نار قد اشتدَّ حرُّها وزادت على نار الدنيا بسبعين ضعفاً وعظم غليانُ حميمها وزاد نَتَنُ صديدها وتضاعف بردُ زمهريرِها، وعظُمَتْ سلاسِلُها وأغلالها، وكَبُرَتْ مقامِعها، وغَلُظَ خُزَّانها، وزال ما في قلوبهم من رحمتهم، وختام ذلك سَخَطُ الجبار، وقوله لهم حين يدعونه ويستغيثون: {اخسؤوا فيها ولا تُكَلِّمونِ}. {وإن يَسْتَعْتِبوا}؛ أي: يطلبوا أن يزال عنهم العتبُ، فيرجعوا إلى الدنيا؛ ليستأنفوا العمل، {فما هم من المُعْتَبين}: لأنَّه ذهب وقته، وعُمِّروا ما يُعَمَّر فيه من تذكَّر، وجاءهم النذير، وانقطعت حجتهم، مع أنَّ استعتابهم كذبٌ منهم، فلو رُدُّوا؛ لَعادوا لما نُهوا عنه وإنَّهم لَكاذبون.