يخبر تعالى عن إعراض الكفار عن القرآن وتواصيهم بذلك، فقال: {وقال الذين كَفَروا لا تَسْمَعوا لهذا القرآن}؛ أي: أعرضوا عنه بأسماعكم، وإيَّاكم أن تلتفتوا أو تُصْغوا إليه وإلى مَنْ جاء به؛ فإن اتَّفق أنكم سمعتموه أو سمعتُم الدعوة إلى أحكامه، فالغَوْا فيه؛ أي: تكلَّموا بالكلام الذي لا فائدةَ فيه، بل فيه المضرَّة، ولا تمكِّنوا مع قدرتكم أحداً يملكُ عليكم الكلام به وتلاوةَ ألفاظه ومعانيه، هذا لسانُ حالهم ولسانُ مقالهم في الإعراض عن هذا القرآن. {لعلَّكم}: إن فعلتُم ذلك {تغلِبونَ}: وهذا شهادةٌ من الأعداء، وأوضحُ الحقِّ ما شهدت به الأعداءُ؛ فإنَّهم لم يحكموا بغلبتهم لِمَنْ جاء بالحقِّ إلاَّ في حال الإعراض عنه والتواصي بذلك، ومفهومُ كلامِهم أنَّهم إنْ لم يَلْغَوا فيه، بل استمعوا إليه وألقوا أذهانَهم؛ أنَّهم لا يغلبونَ؛ فإنَّ الحقَّ غالبٌ غير مغلوب، يعرِفُ هذا أصحابُ الحقِّ وأعداؤه.