هذا إخبارٌ عن سعة علمهِ تعالى واختصاصِهِ بالعلم الذي لا يطَّلع عليه سواه، فقال: {إليه يُرَدُّ علمُ الساعةِ}؛ أي: جميع الخلق يَرُدُّ علمها إلى الله تعالى، ويقرُّون بالعجز عنه؛ الرسلُ والملائكةُ وغيرُهم. {وما تَخْرُجُ من ثمراتٍ من أكمامها}؛ أي: وعائها الذي تخرُجُ منه، وهذا شاملٌ لثمرات جميع الأشجار التي في البلدان والبراري؛ فلا تخرُجُ ثمرةُ شجرةٍ من الأشجار إلاَّ وهو يعلمُها علماً تفصيليًّا. {وما تحمِلُ من أنثى}: من بني آدم وغيرهم من أنواع الحيوانات إلاَّ بعلمه، {ولا تضعُ} [أنثى حملَها] {إلاَّ بعلمِهِ}؛ فكيف سوَّى المشركون به تعالى مَنْ لا علم عنده ولا سمعَ ولا بصرَ؟ {ويوم يناديهم}؛ أي: المشركين به يوم القيامةِ توبيخاً وإظهاراً لكذِبِهم، فيقول لهم: {أين شركائي}: الذين زعمتُم أنَّهم شركائي، فعبدتُموهم وجادلتُم على ذلك وعاديتُم الرسل لأجلهم ؟ {قالوا}: مقرِّين ببطلان إلهيتهم وشركتهم مع الله: {آذَنَّاكَ ما مِنَّا من شهيدٍ}؛ أي: أعلمناك يا ربَّنا واشهدْ علينا أنَّه ما منَّا أحدٌ يشهد بصحة إلهيَّتهم وشركتهم؛ فكلُّنا الآن [قد] رجعنا إلى بطلان عبادتها وتبرَّأنا منها، ولهذا قال: {وضلَّ عنهم ما كانوا يَدْعونَ}: من دون الله؛ أي: ذهبت عقائدُهم وأعمالُهم التي أفَنَوا فيها أعمارهم على عبادة غير الله، وظنُّوا أنها تفيدُهم، وتدفعُ عنهم العذاب، وتشفع لهم عند اللهِ، فخاب سعيُهم، وانتقض ظنُّهم، ولم تُغْنِ عنهم شركاؤهم شيئاً. {وظنُّوا}؛ أي: أيقنوا في تلك الحال {ما لهم من مَحيصٍ}؛ أي: منقذٍ ينقذُهم ولا مغيثٍ ولا ملجأٍ. فهذه عاقبةُ من أشركَ بالله غيرَه، يُبَيِّنُها اللهُ لعباده، ليحذروا الشركَ به.