هذا إخبارٌ عن طبيعة الإنسان من حيثُ هو، وعدم صبرِه وجَلَدِه، لا على الخير ولا على الشرِّ، إلاَّ مَن نقله الله من هذه الحال إلى حال الكمال، فقال: {لا يسأمُ الإنسانُ من دعاءِ الخيرِ}؛ أي: لا يملُّ دائماً من دعاء الله في الغنى والمال والولدِ وغير ذلك من مطالب الدُّنيا، ولا يزال يعملُ على ذلك، ولا يقتنعُ بقليل ولا بكثيرٍ منها؛ فلو حصل له من الدُّنيا ما حصل؛ لم يزل طالباً للزيادة. {وإن مَسَّهُ الشرُّ}؛ أي: المكروه كالمرض والفقر وأنواع البلايا، {فَيؤوسٌ قنوطٌ}؛ أي: ييأس من رحمة الله تعالى، ويظنُّ أن هذا البلاء هو القاضي عليه بالهلاكِ، ويتشوَّشُ من إتيان الأسبابِ على غير ما يحبُّ ويطلبُ؛ إلاَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات؛ فإنَّهم إذا أصابهم الخيرُ والنعمةُ والمحابُّ؛ شكروا الله تعالى، وخافوا أن تكونَ نعمُ الله عليهم استدراجاً وإمهالاً، وإن أصابتْهم مصيبةٌ في أنفسهم وأموالهم وأولادِهم؛ صبروا ورَجَوا فضل ربِّهم فلم ييأسوا.