{فاطرُ السمواتِ والأرضِ}؛ أي: خالقُهما بقدرتِهِ ومشيئتِهِ وحكمتِهِ. {جَعَلَ لكم من أنفسِكم أزواجاً}: لتَسْكنوا إليها وتنتشرَ منكم الذُّرِّيَّة ويحصُلُ لكم من النفع ما يحصُل، {ومن الأنعام أزواجاً}؛ أي: ومن جميع أصنافِها نوعين ذكراً وأنثى؛ لتبقى وتنمو لمنافعكم الكثيرة، ولهذا عدَّاها باللام الدالَّة على التعليل؛ أي: جعل ذلك لأجلكم ولأجل النِّعمة عليكم، ولهذا قال: {يذرؤُكم فيه}؛ أي: يبثُّكم ويكثركم ويكثر مواشيكم بسبب أن جعل لكم من أنفسكم، وجعل لكم من الأنعام أزواجاً. {ليس كمثلِهِ شيءٌ}: أي: ليس يشبِهُه تعالى ولا يماثِلُه شيء من مخلوقاتِهِ لا في ذاته ولا في أسمائِهِ ولا في صفاتِهِ ولا في أفعالِهِ؛ لأنَّ أسماءه كلَّها حسنى، وصفاتِهِ صفاتُ كمال وعظمة، وأفعالَه تعالى أوجد بها المخلوقاتِ العظيمةَ من غير مشارك؛ فليس كمثله شيءٌ؛ لانفرادِهِ وتوحُّده بالكمال من كلِّ وجه. {وهو السميعُ}: لجميع الأصوات، باختلاف اللغات، على تفنُّن الحاجات. {البصير}: يرى دبيبَ النملة السوداء، في الليلة الظلماء، على الصخرة الصمَّاء، ويرى سَرَيانَ القوتِ في أعضاء الحيوانات الصغيرةِ جدًّا، وسريانَ الماء في الأغصان الدقيقة. وهذه الآية ونحوها دليلٌ لمذهب أهل السنة والجماعة من إثبات الصفاتِ ونفي مماثلة المخلوقات، وفيها ردٌّ على المشبِّهة في قوله: {ليس كمثلِهِ شيءٌ}، وعلى المعطِّلة في قوله: {وهو السميعُ البصيرُ}.