لما قال المكذِّبون لرسل الله الكافرون بالله: {لولا يكلِّمُنا الله أو تأتينا آيةُ}: من كِبرهم وتجبُّرهم؛ ردَّ الله عليهم بهذه الآية الكريمة، وأنَّ تكليمه تعالى لا يكونُ إلاَّ لخواصِّ خلقه؛ للأنبياء والمرسلين وصفوته من العالمين، وأنَّه يكون على أحد هذه الأوجه: إمَّا أن يكلِّمَه الله وحياً، بأن يُلْقِيَ الوحيَ في قلبِ الرسول من غير إرسال مَلَكٍ ولا مخاطبةٍ منه شفاهاً، {أو} يكلِّمَه منه شفاهاً، لكنه {من وراء حجابٍ}؛ كما حصل لموسى بن عمران كليم الرحمن، {أو} يكلِّمَه الله بواسطة الرسول الملكيِّ؛ فيرسل {رسولاً}؛ كجبريل أو غيره من الملائكة، {فيوحي بإذنه}؛ أي: بإذن ربِّه لا بمجرَّد هواه؛ إنَّه تعالى عليُّ الذات عليُّ الأوصاف، عظيمُها، عليُّ الأفعال، قد قهر كلَّ شيء، ودانت له المخلوقات، {حكيمٌ} في وضعه كلَّ شيء في موضعه من المخلوقات والشرائع.