يخبر تعالى بأنَّ الدُّنيا لا تسوى عنده شيئاً، وأنَّه لولا لطفُه ورحمتُه بعباده التي لا يقدم عليها شيئاً؛ لوسَّع الدُّنيا على الذين كفروا توسيعاً عظيماً، ولَجَعَلَ {لبيوتهم سُقُفاً من فضَّة ومعارجَ}؛ أي: درجاً من فضة، {عليها يظهرونَ}: إلى سطوحهم، {ولبيوتِهِم أبواباً وسُرراً عليها يتَّكِئونَ}: من فضَّة، ولجعل لهم {زُخْرفاً}؛ أي: لزخرف لهم دُنياهم بأنواع الزخارف وأعطاهم ما يشتهون، ولكن منعه من ذلك رحمتُه بعباده؛ خوفاً عليهم من التسارع في الكفر وكثرة المعاصي بسبب حبِّ الدُّنيا. ففي هذا دليلٌ على أنَّه يمنع العبادَ بعضَ أمور الدُّنيا منعاً عامًّا أو خاصًّا لمصالحهم، وأنَّ الدُّنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة. وأنَّ كلَّ هذه المذكورات متاعُ الحياة الدُّنيا منغصة مكدرة فانية، وأنَّ الآخرة عند الله تعالى خيرٌ للمتَّقين لربِّهم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه؛ لأنَّ نعيمَها تامٌّ كاملٌ من كلِّ وجهٍ، وفي الجنة ما تشتهيه الأنفس وتلذُّ الأعين، وهم فيها خالدون. فما أشدَّ الفرقَ بين الدارين!