والدليل على أنَّ الله لو طلب منكم أموالكم وأحفاكم بسؤالها أنَّكم تمتنعون منها، أنَّكم {تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقوا في سبيل الله}: على هذا الوجه الذي فيه مصلحكتم الدينيَّة والدنيويَّة، {فمنكم من يبخلُ}؛ أي: فكيف لو سألكم وطلب منكم أموالكم في غير أمرٍ تَرَوْنَه مصلحة عاجلة؟! أليس من باب أولى وأحرى امتناعكم من ذلك؟! ثم قال: {ومَن يبخلْ فإنَّما يبخلُ عن نفسِهِ}: لأنَّه حرم نفسه ثوابَ الله تعالى، وفاته خيرٌ كثيرٌ، ولن يضرَّ الله بترك الإنفاق شيئاً، فإن {الله}: هو {الغني وأنتم الفقراءُ}: تحتاجون إليه في جميع أوقاتكم لجميع أموركم، {وإن تَتَوَلَّوا}: عن الإيمان بالله وامتثال ما يأمركم به؛ {يستبدِلْ قوماً غيرَكم ثمَّ لا يكونوا أمثالَكُم}: في التولِّي، بل يطيعونَ الله ورسولَه ويحبُّون الله ورسوله؛ كما قال تعالى: {يا أيُّها الذينَ آمنوا من يَرْتَدَّ منكم عن دينِهِ فسوف يأتي الله بقوم يحبُّهم ويحبُّونَه}.