وهذا أيضاً من الآداب التي على أولي الألباب التأدُّبُ بها واستعمالها، وهو أنه إذا أخبرهم فاسقٌ بنبأ؛ أي: خبرٍ: أن يتثبَّتوا في خبره، ولا يأخذوه مجرداً؛ فإن في ذلك خطراً كبيراً ووقوعاً في الإثم؛ فإنَّ خبره إذا جُعل بمنزلة خبر الصادق العدل؛ حكم بموجب ذلك ومقتضاه، فحصل من تلف النفوس والأموال بغير حقٍّ بسبب ذلك الخبر ما يكون سبباً للندامة، بل الواجبُ عند خبر الفاسق التثبُّت والتبيُّن؛ فإن دلَّت الدلائل والقرائن على صدقه؛ عُمِلَ به وصُدِّق، وإن دلت على كذبه؛ كذِّب ولم يعمل به؛ ففيه دليل على أن خبر الصادق مقبول، وخبر الكاذب مردود، وخبر الفاسق متوقَّف فيه ، ولهذا كان السلف يقبلون روايات كثير من الخوارج المعروفين بالصدق، ولو كانوا فساقاً.