أي: وليكن لديكم معلومًا أنَّ {رسول الله} - صلى الله عليه وسلم - بين أظهُرِكم، وهو الرسولُ الكريم البارُّ الراشدُ، الذي يريد بكم الخير، وينصح لكم، وتريدون لأنفسكم من الشرِّ والمضرَّة ما لا يوافقكم الرسولُ عليه، و {لو يطيعكم في كثيرٍ من الأمر} لشقَّ عليكم وأعنتكم، ولكن الرسول يرشدكُم، والله تعالى يحبِّب إليكم {الإيمان} ويزيِّنه {في قلوبكم} بما أودع في قلوبكم من محبة الحقِّ وإيثاره، وبما نصب على الحقِّ من الشواهد والأدلَّة الدالَّة على صحَّته وقبول القلوب والفِطَر له، وبما يفعله تعالى بكم من توفيقه للإنابة إليه، ويكرِّه {إليكم الكفر والفسوق}؛ أي: الذنوبَ الكبار. {والعصيان}؛ أي: الذنوبَ الصغار؛ بما أودع في قلوبكم من كراهة الشرِّ وعدم إرادة فعله، وبما نَصَبَه من الأدلَّة والشواهد على فسادِه ومضرَّته وعدم قبول الفطر له، وبما يجعل الله في القلوب من الكراهة له. {أولئك}؛ أي: الذين زيَّن الله الإيمان في قلوبهم وحبَّبه إليهم، وكرَّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان {هم الراشدونَ}؛ أي: الذين صلحت علومُهم وأعمالُهم، واستقاموا على الدين القويم والصراط المستقيم، وضدُّهم الغاوون الذين حُبِّب إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وكُرِّه إليهم الإيمان، والذنب ذنبُهم؛ فإنهم لما فسقوا؛ طبعَ اللهُ على قلوبهم، ولما زاغوا؛ أزاغ اللهُ قلوبهم، ولما لم يؤمنوا بالحق لمَّا جاءهم أولَ مرة؛ قلب الله أفئدتهم.