ومن مقالات اليهود والنصارى أنَّ كلاًّ منهما ادَّعى دعوى باطلة يزكون بها أنفسهم؛ بأن قال كل منهما: {نحنُ أبناء الله وأحِبَّاؤه}، والابن في لغتهم هو الحبيب، ولم يريدوا البُنُوَّة الحقيقيَّة؛ فإنَّ هذا ليس من مذهبهم؛ إلاَّ مذهب النصارى في المسيح. قال الله رَدًّا عليهم حيث ادَّعوا بلا برهان: {قُلْ فلم يُعَذِّبُكُم بذُنوبكم}: فلو كُنتم أحبابه؛ ما عذَّبكم؛ لكون الله لا يحبُّ إلاَّ من قام بمراضيه. {بل أنتم بشرٌ ممَّنْ خَلَقَ}: تجري عليكم أحكامُ العدل والفضل، {يَغْفرُ لَمن يشاء ويعذِّبُ من يشاء}: إذا أتوا بأسباب المغفرة أو أسباب العذاب، {ولله ملكُ السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير}؛ أي: فأيُّ شيء خصَّكم بهذه الفضيلة وأنتم من جملة المماليك ومن جملة من يرجع إلى الله في الدار الآخرةِ فيجازيكم بأعمالكم.