في خواتيم هذه السورة المباركة وجَّه القرآنُ خطابَه للمشركين داعيًا ومُنبِّهًا ومُحذِّرًا، مُلتَفِتًا إلى نبيِّهِ الكريم
ﷺ مُعلِّمًا ومُوجِّهًا ومُطمئِنًا، وكما يأتي:
أولًا: نبَّه مرَّةً أخرى هذه العقول إلى ما في هذا الكون من آيات ودلالات
﴿وَٱلسَّمَاۤءَ بَنَیۡنَـٰهَا بِأَیۡیْدࣲ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴿٤٧﴾ وَٱلۡأَرۡضَ فَرَشۡنَـٰهَا فَنِعۡمَ ٱلۡمَـٰهِدُونَ ﴿٤٨﴾ وَمِن كُلِّ شَیۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَیۡنِ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ﴾.
ثانيًا: ثم حذَّر المشركين من مغبّةِ عنادهم واستمرارهم في طريق الشرك، موجِّهًا لهم النداء الخالد الذي فيه النصح والجد والحزم
﴿فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱلـلَّــهِۖ إِنِّی لَكُم مِّنۡهُ نَذِیرࣱ مُّبِینࣱ ﴿٥٠﴾ وَلَا تَجۡعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَۖ إِنِّی لَكُم مِّنۡهُ نَذِیرࣱ مُّبِینࣱ﴾.
ثالثًا: بيَّن القرآن طبيعةَ هؤلاء الناس، وكأنَّها سُنَّة مُتَّبَعة عندهم قديمًا وحديثًا
﴿كَذَ ٰلِكَ مَاۤ أَتَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُواْ سَاحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٌ ﴿٥٢﴾ أَتَوَاصَوۡاْ بِهِۦۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمࣱ طَاغُونَ﴾ ولا شكّ أنّ في هذا تسليةٌ لرسول الله
ﷺ ثم لِمَن معه من المؤمنين.
رابعًا: وجَّه القرآن محمّدًا
ﷺ بترك أولئك المُعاندين وعدم الانشغال بِهم، وتوجيه الجهد إلى تربية المؤمنين وتوعيتهم وتذكيرهم
﴿فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَمَاۤ أَنتَ بِمَلُومࣲ ﴿٥٤﴾ وَذَكِّرۡ فَإِنَّ ٱلذِّكۡرَىٰ تَنفَعُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾.
خامسًا: بيَّن القرآن الغايةَ الكبرى لخلق الإنسان ومثله الجان، فهما مخلوقان مُكلَّفان بمهمَّة، وهي مِعيارُ نجاحهما أو فشلهما
﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ ﴿٥٦﴾ مَاۤ أُرِیدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقࣲ وَمَاۤ أُرِیدُ أَن یُطۡعِمُونِ ﴿٥٧﴾ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِینُ﴾ فالله سبحانه هو الغنيّ، وما التكليف بالطاعة والعبادة إلَّا ليتمايز الناس صالحهم عن مفسدهم، ومؤمنهم عن كافرهم.
سادسًا: ختم القرآن هذه السورة بوعيدٍ شديدٍ لمن كذَّب بالدين الحقّ، وتنكَّب الصراط المستقيم
﴿فَإِنَّ لِلَّذِینَ ظَلَمُواْ ذَنُوبࣰا مِّثۡلَ ذَنُوبِ أَصۡحَـٰبِهِمۡ فَلَا یَسۡتَعۡجِلُونِ ﴿٥٩﴾ فَوَیۡلࣱ لِّلَّذِینَ كَفَرُواْ مِن یَوۡمِهِمُ ٱلَّذِی یُوعَدُونَ﴾.