﴿ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ ﴾ وعلامة اقتِرابها ختم الرسالات برسالة محمد
ﷺ.
﴿وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ ﴾ هذه حادثةٌ ثبتَت في «الصحيحين» وغيرهما، وهي مستفيضةٌ في كتب التفسير.
﴿وَإِن یَرَوۡاْ ءَایَةࣰ یُعۡرِضُواْ وَیَقُولُواْ سِحۡرࣱ مُّسۡتَمِرࣱّ ﴾ الظاهر من السياق أنّه توبيخٌ لقريش الذين رأَوا انشقاق
القمر، فأعرَضوا وقالوا عنه: سحرٌ مُستمِرٌّ.
﴿وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهۡوَاۤءَهُمۡۚ ﴾ ربط بين التكذيب وسببه، وهو اتباع الهوى، بمعنى أنّ تكذيبهم لم يأتِ من شُبهةٍ، أو عن نظرٍ واجتهادٍ.
﴿وَكُلُّ أَمۡرࣲ مُّسۡتَقِرࣱّ ﴾ أي: وكلُّ أمرٍ قدَّره الله فهو ثابتٌ، ومن ذلك: رسُوخ هذه الدعوة في الأرض رغم كَيدِ هؤلاء وتكذيبهم.
﴿وَلَقَدۡ جَاۤءَهُم مِّنَ ٱلۡأَنۢبَاۤءِ مَا فِیهِ مُزۡدَجَرٌ ﴾ أي: جاءَهم في هذا القرآن من الأخبار و
القصص ما فيه رادعٌ لهم لو تدبَّروه وعقَلُوه.
﴿حِكۡمَةُۢ بَـٰلِغَةࣱۖ﴾ أي الأنباء هذه جاءتهم مُحكمة مُتقَنة وقد بلَّغها لهم رسول الله
ﷺ.
﴿فَمَا تُغۡنِ ٱلنُّذُرُ ﴾ يجوز في (ما) النفي والاستفهام، والمعنى مُتقارِبٌ؛ لأنّه استِفهامٌ يُفيد النفي أيضًا، أي: فما تُغني هذه النُّذُر والمواعظ في هؤلاء المُعاندين المُكابرين؟
﴿فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡۘ﴾ أعرِض عنهم ولا تنشَغِل بهم.
﴿ یَوۡمَ یَدۡعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَیۡءࣲ نُّكُرٍ ﴾ إلى شيءٍ عظيمٍ ومهُول تُنكِره النفوس وتخشاه، وهو
الحشر.
﴿خُشَّعًا أَبۡصَـٰرُهُمۡ ﴾ مِن الذُّل والخوف، والحديث عن هؤلاء الذين تقدَّم ذِكرهم، وهم المُشركون المُعانِدون.
﴿یَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ ﴾ القبور.
﴿كَأَنَّهُمۡ جَرَادࣱ مُّنتَشِرࣱ﴾ كأنّهم في كثرتهم واضطرابهم مثل الجراد المُنتشر في الأرض.
﴿مُّهۡطِعِینَ إِلَى ٱلدَّاعِۖ ﴾ مُسرعين إليه مذعورين مِمّا دهاهم.
﴿یَقُولُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا یَوۡمٌ عَسِرࣱ﴾ عسيرٌ وشديدٌ.
﴿۞ كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحࣲ فَكَذَّبُواْ عَبۡدَنَا وَقَالُواْ مَجۡنُونࣱ وَٱزۡدُجِرَ﴾ أي: نهَروه ومنَعوه من الدعوة.
﴿أَنِّی مَغۡلُوبࣱ ﴾ لا أقدر على هدايتهم وقد ازدجروني واستضعفوني.
﴿ فَٱنتَصِرۡ ﴾ أي: فانتَصِر لي، ودعوةُ نوحٍ هذه جاءت بعد أن صبَرَ عليهم ألفَ سنةٍ إلَّا خمسين عامًا.
﴿فَفَتَحۡنَاۤ أَبۡوَ ٰبَ ٱلسَّمَاۤءِ بِمَاۤءࣲ مُّنۡهَمِرࣲ ﴾ أي: بمطرٍ كثيرٍ وسريعٍ ومتواصلٍ.
﴿وَفَجَّرۡنَا ٱلۡأَرۡضَ عُیُونࣰا ﴾ أصلُه: فجَّرنا عيون الأرض، لكن صيغة القرآن تُوحي بكثرة العيون حتى كأنّ الأرض أصبَحَت كلها عيونًا.
﴿فَٱلۡتَقَى ٱلۡمَاۤءُ ﴾ أي: ماء السماء وماء الأرض.
﴿عَلَىٰۤ أَمۡرࣲ قَدۡ قُدِرَ﴾ أي: مُقدَّرٌ في عِلْمِ الله لهلاكهم.
﴿وَحَمَلۡنَـٰهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلۡوَ ٰحࣲ وَدُسُرࣲ ﴾ أي: حمَلنَاه على سفينةٍ مصنوعةٍ من ألواحِ الخشب، ومُحكَمة بمساميرها التي تشدُّ بعضها إلى بعض.
﴿تَجۡرِی بِأَعۡیُنِنَا ﴾ أي: بحفظنا وبمرأًى منَّا.
﴿جَزَاۤءࣰ لِّمَن كَانَ كُفِرَ ﴾ أي: نجَّيناه مما أصابَ قومه بحفظنا ورعايتنا جزاءً له على ما دعا وصَبَر، وقوله:
﴿كُفِرَ ﴾ أي: جُحِدَ أمرُه وكُذِّب.
﴿وَلَقَد تَّرَكۡنَـٰهَاۤ ءَایَةࣰ﴾ أي: بقِيَت السفينة يراها الناس بَعْدَهُ وفي الأجيال المُتعاقِبة، وقد ورد أنّه رأى ما تبقَّى منها بعضُ الناس في صدر الدعوة المُحمَّديَّة.
﴿فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرࣲ ﴾ أي: من مُتذكِّرٍ ومُعتبِرٍ.
﴿فَكَیۡفَ كَانَ عَذَابِی وَنُذُرِ ﴾ أي: كيف كان هذا العذاب الذي أحاط بهم بعد إنذاري ووعيدي لهم.
﴿وَلَقَدۡ یَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ﴾ أي: للتلاوة والفهم.
﴿فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرࣲ ﴾ أي: هل من مُتذكِّر، وهذه دعوةٌ لتدبُّر القرآن بإشارة أنّ هذا هو طريق الفوز والنجاة.
﴿كَذَّبَتۡ عَادࣱ فَكَیۡفَ كَانَ عَذَابِی وَنُذُرِ ﴾ كيف كان عذابي لها بعد أن أنذَرتُها إنذارًا بعد إنذارٍ.
﴿رِیحࣰا صَرۡصَرࣰا﴾ ريحًا شديدةً مزمجرةً.
﴿فِی یَوۡمِ نَحۡسࣲ مُّسۡتَمِرࣲّ ﴾ في يوم شؤمٍ، ومُستمِرّ صفة لنَحس.
﴿تَنزِعُ ٱلنَّاسَ ﴾ تقلعهم من أماكنهم.
﴿كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلࣲ مُّنقَعِرࣲ ﴾ كأنّهم جذوع نخلٍ منخُورةٍ ويابسةٍ.
﴿إِنَّـاۤ إِذࣰا لَّفِی ضَلَـٰلࣲ وَسُعُرٍ ﴾ السُّعُر: الجنون.
﴿بَلۡ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرࣱ ﴾ أي: هو كذّابٌ بطِرٌ مُعجَبٌ بنفسه.
﴿إِنَّا مُرۡسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ فِتۡنَةࣰ لَّهُمۡ﴾ أخرَجَ الله لهم الناقَةَ بعد أن طلبوا من نبيِّهم آيةً خارقةً حتى يؤمنوا، فكانت الناقة اختبارًا لهم.
﴿وَنَبِّئۡهُمۡ أَنَّ ٱلۡمَاۤءَ قِسۡمَةُۢ بَیۡنَهُمۡۖ كُلُّ شِرۡبࣲ مُّحۡتَضَرࣱ﴾ قِسْمَةٌ بينهم وبين الناقة، فيحضرون ويشربون في موعدهم، وتحضر الناقة وتشرب في موعدها.
﴿فَنَادَوۡاْ صَاحِبَهُمۡ﴾ أي: نادَوا واحدًا منهم، وكان معروفًا بالجرأة والإقدام ليُخلِّصهم من الناقة فيعود الماء كلّه لهم.
﴿فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ﴾ أي: فتناول سيفَه وضرَبَ الناقَةَ ثم نحَرَها.
﴿فَكَانُواْ كَهَشِیمِ ٱلۡمُحۡتَظِرِ ﴾ كالعُشبِ اليابس الذي يُجمعُ عادةً ويُرصَف لحظائر الأغنام كالسور لها.
﴿إِنَّـاۤ أَرۡسَلۡنَا عَلَیۡهِمۡ حَاصِبًا ﴾ ريحًا ترميهم بالحصباء، والحَصْباء: الحَصَى.
﴿إِلَّاۤ ءَالَ لُوطࣲۖ نَّجَّیۡنَـٰهُم بِسَحَرࣲ ﴾ أي: وقت السحر.
﴿نِّعۡمَةࣰ مِّنۡ عِندِنَاۚ كَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی مَن شَكَرَ ﴾ إشارة إلى أنّ الشكر يزيد النِّعم ويدفع النقم.
﴿وَلَقَدۡ أَنذَرَهُم بَطۡشَتَنَا فَتَمَارَوۡاْ بِٱلنُّذُرِ ﴾ شكُّوا وجادَلوا بكلِّ ما أنذَرَهم به.
﴿وَلَقَدۡ رَ ٰوَدُوهُ عَن ضَیۡفِهِۦ ﴾ أي: طلَبُوا منه ضيُوفَه وما علِمُوا أنّهم الملائكة.
﴿فَطَمَسۡنَاۤ أَعۡیُنَهُمۡ ﴾ ذهَبنا بأبصارهم.
﴿وَلَقَدۡ صَبَّحَهُم بُكۡرَةً ﴾ أي: أوّل الصباح.
﴿عَذَابࣱ مُّسۡتَقِرࣱّ ﴾ عذابٌ دائمٌ حتى تم استِئصالهم.
﴿وَلَقَدۡ جَاۤءَ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ ٱلنُّذُرُ ﴾ النُّذُر: جمع نذير، والمقصود هنا: موسى وهارون
عليهما السلام.
﴿كَذَّبُواْ بِـَٔایَـٰتِنَا كُلِّهَا ﴾ كذّبوا بالمُعجِزات التي أيَّد الله بها موسى وهارون، وأنكَروا دلائلها.
﴿فَأَخَذۡنَـٰهُمۡ أَخۡذَ عَزِیزࣲ مُّقۡتَدِرٍ ﴾ يُثنِي الله تعالى على نفسه بالعزّة الكاملة والقُدرة المطلقة، ويُعرِّض بفرعون الهالك الذي كان يرَى نفسَه عزيزًا ومُقتدرًا حتى أخذه الله.
﴿أَكُفَّارُكُمۡ خَیۡرࣱ مِّنۡ أُوْلَـٰۤىِٕكُمۡ ﴾ سؤالٌ لقريش مُتضمِّن تهديدهم، بمعنى أنّكم لستم أفضل ولا أقوى مِن تلك الأقوام الهالِكة.
﴿أَمۡ لَكُم بَرَاۤءَةࣱ فِی ٱلزُّبُرِ﴾ أي: هل عندكم عهدٌ مكتُوبٌ بالأمان من الله أنّه لن يُعاقِبَكم؟
﴿أَمۡ یَقُولُونَ نَحۡنُ جَمِیعࣱ مُّنتَصِرࣱ ﴾ أم أنّهم مغرُورون بجَمعهم وقوَّتهم؟
﴿سَیُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَیُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ ﴾ وكان هذا إنذارًا لهم، وقد تحقَّقَ بالفعل في معركة بَدر، ولا شكَّ أنّ هذا من الإعجاز؛ حيث نزَلَت هذه الآيات قبل الهجرة يوم كان المُؤمنون مُستضعَفِين في مكّة.
﴿وَٱلسَّاعَةُ أَدۡهَىٰ وَأَمَرُّ﴾ أي: الساعةُ أعظمُ داهِية وأشدُّ مرارةً مما أصابَهم في بدرٍ وفي غير بدر.
﴿وَٱلسَّاعَةُ أَدۡهَىٰ وَأَمَرُّ ﴾ أي: في تِيهٍ وجنونٍ وغيابٍ عن الرشد، هذا هو حالُهم في الدنيا والذي استوجَبُوا به عذابَ الله في الآخرة.
﴿یَوۡمَ یُسۡحَبُونَ فِی ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ ﴾ إذلالًا لهم وجزاءً مناسبًا لتكبُّرهم.
﴿ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ﴾ أي: ذوقوا بوجوهكم حرَّ سقر، وسقر: اسم من أسماء جهنَّم، أو اسم لدَرَكةٍ من دَرَكَاتها، والعياذ بالله.
﴿إِنَّا كُلَّ شَیۡءٍ خَلَقۡنَـٰهُ بِقَدَرࣲ ﴾ أي: بتقديرٍ سابقٍ، وبأجلٍ مُحدَّدٍ وفق عِلم الله وحكمته وإرادته المطلقة.
﴿وَمَاۤ أَمۡرُنَاۤ إِلَّا وَ ٰحِدَةࣱ كَلَمۡحِۭ بِٱلۡبَصَرِ ﴾ بمعنى أنّ ما نريده من أمر الخلق يكون بكلمةٍ واحدةٍ، إشارة إلى قوله تعالى:
﴿إِنَّمَاۤ أَمۡرُهُۥۤ إِذَاۤ أَرَادَ شَیۡـًٔا أَن یَقُولَ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ ﴾ [يس: 82]، و
﴿كَلَمۡحِۭ بِٱلۡبَصَرِ ﴾ كناية عن سرعة الإيجاد والتكوين.
﴿وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَاۤ أَشۡیَاعَكُمۡ ﴾ أشباهكم من الكفّار.
﴿وَكُلُّ شَیۡءࣲ فَعَلُوهُ فِی ٱلزُّبُرِ ﴾ أي: محفوظ في عِلم الله، وتدوّنه الملائكة عليهم فيُجازيهم الله به.
﴿وَكُلُّ صَغِیرࣲ وَكَبِیرࣲ مُّسۡتَطَرٌ ﴾ تأكيد أنّ كلَّ صغيرٍ وكبيرٍ مِن شأن الخلائق، وأعمالهم محفوظٌ ومكتوبٌ.
﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِینَ فِی جَنَّـٰتࣲ وَنَهَرࣲ﴾ جاء هذا الإخبار تفريعًا عن الإخبار بعلم الله الشامل وإحاطته بأعمال البشر، وقد تقدَّم جزاء الكافرين منهم، فناسَبَ أن يذكر جزاء المتقين، وقوله:
﴿وَنَهَرࣲ﴾ اسم جنسٍ يُطلق على المتعدد، بمعنى أنّهم في جنَّاتٍ وأنهارٍ.
﴿فِی مَقۡعَدِ صِدۡقٍ ﴾ أي: في مقامٍ صادقٍ، بمعنى أنّه تام النعمة كما وعَدَهم ربّهم .
﴿عِندَ مَلِیكࣲ مُّقۡتَدِرِۭ ﴾ أي: في ضيافة الله المليك المُقتدِر، أي: المالك لأمر الدنيا والآخرة، المُقتدِر عليهما بربوبيَّته وعلمه وقوته، فلا يُنازِعه في مُلكِه أحدٌ.