لما ذكر حال المؤمنين والمؤمنات والمنافقين والمنافقات في الدار الآخرة؛ كان ذلك مما يدعو القلوب إلى الخشوع لربِّها والاستكانة لعظمته، فعاتب الله المؤمنين على عدم ذلك، فقال: {ألم يأنِ للذين آمنوا أن تَخْشَعَ قلوبُهم لذِكْرِ الله وما نَزَلَ من الحقِّ}؛ أي: ألم يأتِ الوقتُ الذي به تلينُ قلوبهم وتخشعُ لذِكْر الله الذي هو القرآن وتنقادُ لأوامره وزواجره وما نَزَلَ من الحقِّ الذي جاء به محمدٌ - صلى الله عليه وسلم -، وهذا فيه الحثُّ على الاجتهاد على خشوع القلب لله تعالى ولما أنزله من الكتاب والحكمة، وأن يتذكَّر المؤمنون المواعظ الإلهيَّة والأحكام الشرعيَّة كلَّ وقت ويحاسبوا أنفسَهم على ذلك، {ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قَبْلُ فطال عليهم الأمدُ}؛ أي: ولا يكونوا كالذين أنزل الله عليهم الكتابَ الموجبَ لخشوع القلب والانقياد التامِّ، ثم لم يدوموا عليه، ولا ثَبَتوا، بل طال عليهم الزمان، واستمرَّتْ بهم الغفلةُ، فاضمحلَّ إيمانُهم وزال إيقانهم؛ {فقستْ قلوبُهم وكثيرٌ منهم فاسقونَ}: فالقلوب تحتاجُ في كلِّ وقتٍ إلى أن تُذَكَّرَ بما أنزل الله وتناطق بالحكمة، ولا ينبغي الغفلة عن ذلك؛ فإنَّه سببٌ لقسوة القلب وجمود العين.