هذا أدبٌ من الله لعباده [المؤمنين] إذا اجتمعوا في مجلس من مجالس مجتمعاتهم، واحتاجَ بعضُهم أو بعضُ القادمين [عليهم] للتفسُّح له في المجلس؛ فإنَّ من الأدب أن يَفْسَحوا له؛ تحصيلاً لهذا المقصود، وليس ذلك بضارٍّ للفاسح شيئاً، فيحصلُ مقصود أخيه من غير ضررٍ يلحقه، والجزاء من جنس العمل؛ فإنَّ من فَسَحَ؛ فَسَحَ الله له، ومن وسَّع لأخيه؛ وسَّع الله عليه، {وإذا قيل انشُزوا}؛ أي: ارتفعوا وتَنَحَّوْا عن مجالسكم لحاجةٍ تعرِضُ، {فانشُزوا}؛ أي: فبادروا للقيام لتحصيل تلك المصلحة؛ فإنَّ القيام بمثل هذه الأمور من العلم والإيمان، والله تعالى يرفع أهل العلم والإيمان درجاتٍ بحسب ما خصَّهم [اللَّه] به من العلم والإيمان. {والله بما تعملونَ خبيرٌ}: فيجازي كلَّ عامل بعمله؛ إن خيراً فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ. وفي هذه الآية فضيلة العلم، وأنَّ زينته وثمرتَه التأدُّب بآدابه والعمل بمقتضاه.