يأمر تعالى المؤمنين بالصَّدقة أمام مناجاة رسوله محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - تأديباً لهم وتعليماً وتعظيماً للرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنَّ هذا التعظيم خيرٌ للمؤمنين وأطهر؛ أي: بذلك يكثر خيركم وأجركم، وتحصُلُ لكم الطهارة من الأدناس، التي من جملتها ترك احترام الرسول - صلى الله عليه وسلم - والأدبِ معه بكثرة المناجاة التي لا ثمرةَ تحتها؛ فإنَّه إذا أمر بالصدقة بين يدي مناجاتِهِ؛ صار هذا ميزاناً لمن كان حريصاً على العلم والخير ؛ فلا يُبالي بالصدقة، ومَنْ لم يكن له حرصٌ ولا رغبةٌ في الخير، وإنَّما مقصودُه مجرَّدُ كثرة الكلام، فينكفُّ بذلك عن الذي يشقُّ على الرسول، هذا في الواجد للصدقة، وأما الذي لا يجد الصدقة؛ فإنَّ الله لم يضيِّقْ عليه الأمر، بل عفا عنه وسامَحَه وأباح له المناجاة بدون تقديم صدقةٍ لا يقدِرُ عليها.