{وكذلك نُوَلِّي بعضَ الظالمين بعضاً بما كانوا يكسِبون}؛ أي: وكما ولَّيْنا الجنَّ المردة وسلَّطْناهم على إضلال أوليائهم من الإنس وعقَدْنا بينهم عقد الموالاة والموافقة بسبب كسبِهم وسعيهم بذلك؛ كذلك من سنَّتنا أن نولِّي كلَّ ظالم ظالماً مثلَه يؤزُّه إلى الشرِّ ويحثُّه عليه ويزهِّده في الخير وينفِّره عنه، وذلك من عقوبات الله العظيمة الشنيع أثرها البليغ خطرها، والذنب ذنبُ الظالم؛ فهو الذي أدخل الضرر على نفسه وعلى نفسه جنى، وما ربك بظلاَّم للعبيد. ومن ذلك أنَّ العباد إذا كَثُرَ ظلمُهم وفسادُهم ومنعُهم الحقوق الواجبة؛ وُلِّي عليهم ظلمةٌ يسومونهم سوء العذاب، ويأخذون منهم بالظُّلم والجَوْر أضعاف ما منعوا من حقوق الله وحقوق عباده على وجه غير مأجورين فيه ولا محتسبين؛ كما أن العباد إذا صلحوا واستقاموا؛ أصلح الله رعاتهم، وجعلهم أئمة عدل وإنصاف، لا ولاة ظلم واعتساف.