{وقالوا}؛ أي: المكذبون بالرسول تعنُّتاً وعناداً: {لولا نُزِّلَ عليه آيةٌ من ربِّه}؛ يعنون بذلك آيات الاقتراح التي يقترِحونها بعقولهم الفاسدة وآرائهم الكاسدة؛ كقولهم: {وقالوا لن نؤمنَ لك حتى تَفْجُرَ لنا من الأرض يَنبوعاً. أو تكون لك جنَّةٌ من نخيل وعنبٍ فتفجِّرَ الأنهار خلالها تفجيراً. أو تُسْقِطَ السماءَ كما زعمتَ علينا كِسَفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً ... } الآيات. {قل}: مجيباً لقولهم: {إن الله قادرٌ على أن ينزِّل آيةً}: فليس في قدرته قصور عن ذلك، كيف وجميع الأشياء منقادةٌ لعزَّته مذعنة لسلطانه. ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمونَ، فهم لجهلهم وعدم علمهم يطلبون ما هو شرٌّ لهم من الآيات، التي لو جاءتهم فلم يؤمنوا بها؛ لَعوجِل {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)} وا بالعقاب؛ كما هي سنة الله التي لا تبديل لها، ومع هذا؛ فإنْ كان قصدُهم الآيات التي تبيِّن لهم الحقَّ وتوضِّح السبيل؛ فقد أتى محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - بكلِّ آية قاطعةٍ، وحُجَّةٍ ساطعةٍ، دالَّةٍ على ما جاء به من الحق، بحيث يتمكَّن العبدُ في كل مسألة من مسائل الدين أن يَجِدَ فيما جاء به عدَّة أدلَّة عقليَّة ونقليَّة؛ بحيث لا تبقي في القلوب أدنى شكٍّ وارتياب، فتبارك الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحقِّ وأيَّده بالآيات البيِّنات لِيَهْلِكَ من هَلَكَ عن بينة ويحيا من حَيَّ عن بينةٍ، وإن الله لسميعٌ عليمٌ.