{وكذلك فَتَنَّا بعضَهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاءِ مَنَّ الله عليهم من بيننا}؛ أي: هذا من ابتلاء الله لعبادِهِ حيث جعل بعضَهم غنيًّا وبعضهم فقيراً وبعضهم شريفاً وبعضهم وضيعاً؛ فإذا مَنَّ الله بالإيمان على الفقير أو الوضيع، كان ذلك محلَّ محنةٍ للغني والشريف؛ فإنْ كان قصدُهُ الحقَّ واتباعه؛ آمن وأسلم ولم يمنعْه من ذلك مشاركة الذي يراه دونه بالغنى أو الشرف، وإن لم يكن صادقاً في طلب الحقِّ؛ كانت هذه عقبةً تردُّه عن اتِّباع الحق، وقالوا محتقرين لمن يَرَوْنَهم دونهم: {أهؤلاءِ مَنَّ الله عليهم من بيننا}: فمنعهم هذا من اتباع الحق لعدم زكائهم. قال الله مجيباً لكلامهم المتضمِّن الاعتراض على الله في هداية هؤلاء وعدم هدايتهم هم: {أليس اللهُ بأعلمَ بالشاكرينَ} الذين يعرِفون النعمةَ ويُقِرُّون بها ويقومون بما تقتضيه من العمل الصالح، فيضع فضلَه ومنَّته عليهم دون من ليس بشاكرٍ؛ فإنَّ الله تعالى حكيمٌ لا يضع فضله عند من ليس له بأهل، وهؤلاء المعترضون بهذا الوصف بخلاف مَنْ مَنَّ الله عليهم بالإيمان من الفقراء وغيرهم؛ فإنهم هم الشاكرون.