ولما نهى الله رسوله عن طردِ المؤمنين القانتين؛ أمره بمقابلتِهِم بالإكرام والإعظام والتبجيل والاحترام، فقال: {وإذا جاءَكَ الذين يؤمنونَ بآياتِنا فَقُلْ سلامٌ عليكم}؛ أي: وإذا جاءك المؤمنون؛ فحيِّهم، ورحِّبْ بهم، ولقِّهم منك تحيةً وسلاماً، وبشِّرهم بما ينشِّط عزائمهم وهممهم من رحمة الله وسعة جوده وإحسانه، وحُثَّهم على كل سبب وطريق يوصِلُ لذلك، ورهِّبْهم من الإقامة على الذُّنوب، وأمُرْهم بالتوبة من المعاصي لينالوا مغفرةَ ربِّهم وجوده، ولهذا قال: {كَتَبَ ربُّكم على نفسِهِ الرحمةَ أنَّه من عَمِلَ منكم سوءاً بجهالةٍ ثمَّ تاب من بعدِهِ وأصلحَ}؛ أي: فلا بدَّ مع ترك الذُّنوب والإقلاع والندم عليها من إصلاح العمل وأداء ما أوجبَ الله وإصلاح ما فَسَدَ من الأعمال الظاهرة والباطنة؛ فإذا وُجِدَ ذلك كله؛ {فإنَّه غفورٌ رحيمٌ}؛ أي: صبَّ عليهم من مغفرتِهِ ورحمتِهِ بحسب ما قاموا به مما أمرهم به.