ثم أمرهم أن يعتبروا بالأمم السابقة، فقال: {ألَم يَرَوْا كم أهلكنا من قبلهم من قرنٍ}؛ أي: كم تتابع إهلاكنا للأمم المكذِّبين وأمهلناهم قبل ذلك الإهلاك بأن {مَكَّنَّاهم في الأرض ما لم نمكِّنْ}: لهؤلاء من الأموال والبنين والرفاهية، {وأرْسَلْنا السماءَ عليهم مِدراراً وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم}: تُنْبِتُ لهم بذلك ما شاء الله من زروع وثمار يتمتَّعون بها ويتناولون منها ما يشتهون، فلم يشكروا الله على نِعَمِهِ، بل أقبلوا على الشهوات، وألهتهم [أنواع] اللَّذَّات، فجاءتهم رسلهم بالبينات، فلم يصدِّقوها، بل ردُّوها وكذَّبوها، فأهلكهم الله بذُنوبهم، وأنشأ من بعدهم قَرْناً آخرين؛ فهذه سُنَّةُ الله ودأبه في الأمم السابقين واللاحقين؛ فاعتبروا بمن قَصَّ الله عليكم نبأهم.