{وقالوا}: معترفين بعدم أهليَّتهم للهدى والرشاد: {لو كنَّا نسمعُ أو نعقِلُ ما كنَّا في أصحاب السَّعير}: فنفَوْا عن أنفسهم طرق الهدى، وهي السمع لما أنزل الله وجاءتْ به الرسل، والعقلُ الذي ينفع صاحبَه ويوقفُه على حقائق الأشياء وإيثار الخير والانزجار عن كلِّ ما عاقبته ذميمةٌ، فلا سمعَ لهم ولا عقلَ. وهذا بخلاف أهل اليقين والعرفان وأرباب الصدق والإيمان؛ فإنَّهم أيَّدوا إيمانهم بالأدلَّة السمعيَّة، فسمعوا ما جاء من عند الله وجاء به رسولُ الله علماً ومعرفةً وعملاً، والأدلَّة العقليَّة المعرِّفة للهدى من الضَّلال، والحسن من القبيح، والخير من الشرِّ، وهم في الإيمان بحسب ما منَّ الله عليهم به من الاقتداء بالمعقول والمنقول؛ فسبحان مَن يختصُّ بفضله مَن يشاء، ويمنُّ على مَن يشاء من عباده، ويخذل مَن لا يصلُحُ للخير.