سورة الحاقة تفسير السعدي الآية 28

مَاۤ أَغۡنَىٰ عَنِّی مَالِیَهۡۜ ﴿٢٨﴾

تفسير السعدي سورة الحاقة

هؤلاء هم أهل الشقاء؛ يعطَوْن كتبهم المشتملة على أعمالهم السيِّئة بشمالهم؛ تمييزاً لهم وخزياً وعاراً وفضيحةً، فيقول أحدُهم من الهمِّ والغمِّ والحزن: {يا ليتني لم أوتَ كتابِيَهْ}؛ لأنَّه يبشر بدخول النار والخسارة الأبديَّة، {ولم أدرِ ما حسابِيَهْ}؛ أي: ليتني كنت نسياً منسيًّا ولم أُبْعَثْ وأحاسب، ولهذا قال: {يا ليتَها كانتِ القاضيةَ}؛ أي: يا ليت موتتي هي الموتة التي لا بَعْثَ بعدها. ثم التفت إلى ماله وسلطانه؛ فإذا هو وبالٌ عليه لم يقدِّم منه لآخرته ولا ينفعه لو افتدى به من العذاب شيئاً ، فيقول: {ما أغنى عنِّي مالِيَهْ}؛ أي: ما نفعني لا في الدُّنيا ـ لم أقدِّم منه شيئاً ـ ولا في الآخرة؛ قد ذهب وقت نفعه، {هلك عني سُلطانِيَهْ}؛ أي: ذهب واضمحلَّ، فلم تنفع الجنود ولا الكثرة ولا العَدَدُ ولا العُدَدُ ولا الجاه العريض، بل ذهب ذلك كله أدراج الرياح، وفاتت بسببه المتاجر والأرباح، وحضرت بدله الهموم والغموم والأتراح.