هؤلاء هم أهل الشقاء؛ يعطَوْن كتبهم المشتملة على أعمالهم السيِّئة بشمالهم؛ تمييزاً لهم وخزياً وعاراً وفضيحةً، فيقول أحدُهم من الهمِّ والغمِّ والحزن: {يا ليتني لم أوتَ كتابِيَهْ}؛ لأنَّه يبشر بدخول النار والخسارة الأبديَّة، {ولم أدرِ ما حسابِيَهْ}؛ أي: ليتني كنت نسياً منسيًّا ولم أُبْعَثْ وأحاسب، ولهذا قال: {يا ليتَها كانتِ القاضيةَ}؛ أي: يا ليت موتتي هي الموتة التي لا بَعْثَ بعدها. ثم التفت إلى ماله وسلطانه؛ فإذا هو وبالٌ عليه لم يقدِّم منه لآخرته ولا ينفعه لو افتدى به من العذاب شيئاً ، فيقول: {ما أغنى عنِّي مالِيَهْ}؛ أي: ما نفعني لا في الدُّنيا ـ لم أقدِّم منه شيئاً ـ ولا في الآخرة؛ قد ذهب وقت نفعه، {هلك عني سُلطانِيَهْ}؛ أي: ذهب واضمحلَّ، فلم تنفع الجنود ولا الكثرة ولا العَدَدُ ولا العُدَدُ ولا الجاه العريض، بل ذهب ذلك كله أدراج الرياح، وفاتت بسببه المتاجر والأرباح، وحضرت بدله الهموم والغموم والأتراح.