فحينئذٍ يؤمَر بعذابه، فيقال للزَّبانية الغلاظ الشداد:
{خُذوه فغُلُّوه}؛ أي: اجعلوا في عنقه غلًّا يخنقه،
{ثم الجَحيم صَلُّوه}؛ أي: قلِّبوه على جمرها ولهبها،
{ثم في سلسلةٍ ذَرْعُها سبعون ذراعاً}: من سلاسل الجحيم في غاية الحرارة،
{فاسْلُكوه}؛ أي: انظموه فيها بأن تدخل في دبره وتخرج من فمه ويعلَّق فيها فلا يزال يعذَّب هذا العذاب الفظيع؛ فبئس العذاب والعقاب، وواحسرة له من التوبيخ والعتاب؛ فإنَّ السبب الذي أوصله إلى هذا المحلِّ
{إنَّه كان لا يؤمن بالله العظيم}: بأن كان كافراً بربِّه معانداً لرسله رادًّا ما جاؤوا به من الحقِّ،
{ولا يحضُّ على طعام المسكين}؛ أي: ليس في قلبه رحمةٌ يرحم بها الفقراء والمساكين؛ فلا يطعمهم من ماله ولا يحضُّ غيره على إطعامهم؛ لعدم الوازع في قلبه، وذلك لأنَّ مدار السعادة ومادَّتها أمران:
الإخلاص لله الذي أصله الإيمان بالله، والإحسان إلى الخلق بجميع وجوه الإحسان، الذي من أعظمها دفع ضرورة المحتاجين بإطعامهم ما يتقوَّتون به، وهؤلاء لا إخلاص ولا إحسان؛ فلذلك استحقُّوا ما استحقُّوا.
{فليس له اليومَ ها هنا}؛ أي: يوم القيامة
{حميمٌ}؛ أي: قريب أو صديق يشفع له لينجو من عذاب الله أو يفوز بثوابه.
{ولا تنفعُ الشفاعة عندَه إلاَّ لمن أذن له}،
{ما للظالمين من حميمٍ ولا شفيع يُطاع}. وليس له
{طعامٌ إلاَّ من غِسْلينَ}: وهو صديدُ أهل النار، الذي هو في غاية الحرارة والمرارة ونتن الريح وقبح الطعم ، لا يأكل هذا الطعامَ الذميم
{إلاَّ الخاطئونَ}، الذين أخطؤوا الصراط المستقيم، وسلكوا كلَّ طريق يوصِلُهم إلى الجحيم ؛ فلذلك استحقُّوا العذاب الأليم.