يخبر تعالى عن عقاب من كذَّب بآياته فلم يؤمنْ بها مع أنها آيات بيناتٌ واستكبر عنها فلم ينقدْ لأحكامها بل كذَّب، وتولى أنهم آيسون من كلِّ خير؛ فلا تفتَّحُ أبوابُ السماء لأرواحهم إذا ماتوا، وصعدت تريد العروجَ إلى الله، فتستأذنُ، فلا يؤذَنُ لها؛ كما لم تصعدْ في الدنيا إلى الإيمان بالله ومعرفته ومحبته، كذلك لا تصعد بعد الموت؛ فإن الجزاء من جنس العمل. ومفهوم الآية أنَّ أرواح المؤمنين المنقادين لأمرِ الله المصدِّقين بآياته تفتَّح لها أبواب السماء حتى تعرج إلى الله، وتصل إلى حيث أراد الله من العالم العلويِّ، وتبتهجَ بالقرب من ربِّها والحظُوةِ برضوانه. وقوله عن أهل النار: {ولا يدخُلونَ الجنَّة حتى يلجَ الجملُ}: وهو البعير المعروف {في سَمِّ الخِياطِ}؛ أي: حتى يدخُلَ البعير الذي هو من أكبر الحيوانات جسماً في خرق الإبرة الذي هو من أضيق الأشياء. وهذا من باب تعليق الشيء بالمحال؛ أي: فكما أنه محالٌ دخول الجمل في سَمِّ الخياطِ؛ فكذلك المكذِّبون بآيات الله محالٌ دخولهم الجنة؛ قال تعالى: {إنَّه من يُشْرِكْ بالله فقد حرَّم اللهُ عليه الجنةَ ومأواه النارُ}؛ وقال هنا: {وكذلك نَجْزي المجرمينَ}؛ أي: الذين كَثُرَ إجرامُهم، واشتدَّ طغيانُهم.