يبين تعالى أثرا من آثار قدرته، ونفحة من نفحات رحمته فقال:
{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} أي: الرياح المبشرات بالغيث، التي تثيره بإذن اللّه من الأرض، فيستبشر الخلق برحمة اللّه، وترتاح لها قلوبهم قبل نزوله.
{حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ} الرياح
{سَحَابًا ثِقَالًا} قد أثاره بعضها، وألفه ريح أخرى، وألحقه ريح أخرى
{سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ} قد كادت تهلك حيواناته، وكاد أهله أن ييأسوا من رحمة اللّه،
{فَأَنْزَلْنَا بِهِ} أي: بذلك
البلد الميت
{الْمَاءُ} الغزير من ذلك السحاب وسخر اللّه له ريحا تدره وتفرقه بإذن اللّه.
{فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} فأصبحوا مستبشرين برحمة اللّه، راتعين بخير اللّه، وقوله:
{كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} أي: كما أحيينا الأرض بعد موتها بالنبات، كذلك نخرج الموتى من قبورهم، بعد ما كانوا رفاتا متمزقين، وهذا استدلال واضح، فإنه لا فرق بين الأمرين، فمنكر البعث استبعادا له - مع أنه يرى ما هو نظيره - من باب العناد، وإنكار المحسوسات. وفي هذا الحث على التذكر والتفكر في آلاء اللّه والنظر إليها بعين الاعتبار والاستدلال، لا بعين الغفلة والإهمال.