قال تعالى ناعياً حالَهم: {الذين كذَّبوا شعيباً كأن لم يَغْنَوْا فيها}؛ أي: كأنهم ما أقاموا في ديارهم، وكأنهم ما تمتَّعوا في عَرَصاتهم، ولا تفيَّئوا في ظلالها، ولا غنوا في مسارح أنهارها، ولا أكلوا من ثمار أشجارها، فأخذهم العذاب فنقلهم من مورد اللهو واللعب واللَّذَّات إلى مستقرِّ الحزن والشقاء والعقاب والدرَكات، ولهذا قال: {الذين كذَّبوا شُعيباً كانوا هم الخاسرينَ}؛ أي: الخسار محصورٌ فيهم؛ لأنهم خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين، لا مَنْ قالوا لهم: {لئنِ اتَّبعتُم شعيباً إنَّكم إذاً لخاسرونَ}.