فحين هلكوا تولَّى عنهم نبيُّهم عليه الصلاة والسلام، {وقال} معاتباً وموبِّخاً ومخاطباً لهم بعد موتهم: {يا قوم لقد أبلغتُكم رسالاتِ ربِّي}؛ أي: أوصلتها إليكم وبيَّنتها حتَّى بلغت منكم أقصى ما يمكن أن تصل إليه وخالطت أفئدتكم، {ونصحتُ لكم}: فلم تقَبلوا نُصحي ولا انقدتم لإرشادي، بل فسقتُم وطغيتم؛ {فكيف آسى على قوم كافرينَ}؛ أي: فكيف أحزن على قوم لا خيرَ فيهم، أتاهم الخيرُ فردُّوه ولم يقبلوه، ولا يَليقُ بهم إلا الشرُّ؛ فهؤلاء غير حقيقين أن يُحْزَنَ عليهم، بل يُفْرَحُ بإهلاكهم ومَحْقِهم؛ فعياذاً بك اللهمَّ من الخزي والفضيحة! وأيُّ شقاء وعقوبة أبلغ من أن يصلوا إلى حالة يتبرأ منهم أنصح الخلق لهم؟!