سورة الأعراف تفسير مجالس النور الآية 50

وَنَادَىٰۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَـٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِیضُواْ عَلَیۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ ﴿٥٠﴾

تفسير مجالس النور سورة الأعراف

المجلس الخامس والستون: حوارات في دار الجزاء


من الآية (37- 51)


في سورة الأعراف مشاهد مثيرة تشدُّ العقلَ والقلبَ والوجدانَ لا مثيل لها في كلِّ آيات القرآن، مشاهد من ذلك اليوم يوم القيامة، لكنها مشاهد مختلفة عن تلك التي يعرضها القرآن في غير هذه الآيات، هناك يتحدَّث القرآن عن الجنة ونعيمها، أو عن النار وعذابها، أما هنا فالمشاهد أشبَه بالمقاطع الصوتية التي تسجِّل حوارات مختلفةً بين مجموعاتٍ مختلفةٍ، وفي أماكن مختلفةٍ:
المشهد الأول: نداء الملائكة للميت في ساعة موته ﴿حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُنَا یَتَوَفَّوۡنَهُمۡ قَالُوۤاْ أَیۡنَ مَا كُنتُمۡ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱلـلَّــهِۖ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا﴾ هذا هو جوابُهم وشهادتهم على أنفسهم: ﴿وَشَهِدُواْ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ أَنَّهُمۡ كَانُواْ كَـٰفِرِینَ﴾، فيأتي القرار الحاسم والقضاء العادل: ﴿قَالَ ٱدۡخُلُواْ فِیۤ أُمَمࣲ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ فِی ٱلنَّارِۖ﴾.
المشهد الثاني: حوار مجموعتَين مختلفتَين من أهل النار ﴿حَتَّىٰۤ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِیهَا جَمِیعࣰا قَالَتۡ أُخۡرَىٰهُمۡ لِأُولَىٰهُمۡ رَبَّنَا هَـٰۤـؤُلَاۤءِ أَضَلُّونَا فَـَٔاتِهِمۡ عَذَابࣰا ضِعۡفࣰا مِّنَ ٱلنَّارِۖ قَالَ لِكُلࣲّ ضِعۡفࣱ وَلَـٰكِن لَّا تَعۡلَمُونَ ﴿٣٨﴾ حَتَّىٰۤ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِیهَا جَمِیعࣰا قَالَتۡ أُخۡرَىٰهُمۡ لِأُولَىٰهُمۡ رَبَّنَا هَـٰۤـؤُلَاۤءِ أَضَلُّونَا فَـَٔاتِهِمۡ عَذَابࣰا ضِعۡفࣰا مِّنَ ٱلنَّارِۖ قَالَ لِكُلࣲّ ضِعۡفࣱ وَلَـٰكِن لَّا تَعۡلَمُونَ﴾ إنه تلاومٌ وتخاصمٌ، ورغبةٌ في الانتقام واستزادة العذاب لبعضهم البعض، وهو لا شكَّ تصوير للعذاب النفسي الذي يعيشُه أهل النار إضافةً إلى عذابهم الجسدي، أعاذنا الله من كلِّ ذلك.
المشهد الثالث: دعاء المؤمنين لبارئهم وشكرهم له أن وفَّقَهم لطاعته، وأثابَهم بجنته ﴿وَنَزَعۡنَا مَا فِی صُدُورِهِم مِّنۡ غِلࣲّ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَـٰرُۖ وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی هَدَىٰنَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهۡتَدِیَ لَوۡلَاۤ أَنۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُۖ لَقَدۡ جَاۤءَتۡ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلۡحَقِّ ۖ وَنُودُوۤاْ أَن تِلۡكُمُ ٱلۡجَنَّةُ أُورِثۡتُمُوهَا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾.
والظاهر من السياق: أنهم يدعون ربهم دعاءً واحدًا موحَّدًا كأنهم مُجتمعون في مكانٍ واحدٍ، وفي هذا أُنسٌ مُضاف إلى أُنسهم، ثم يجابون على دعائهم وشكرهم بما يمنحهم الشعور بثمرة العمل والجهد والجهاد الذي بذَلُوه في هذه الحياة، وهذه لذَّة أخرى لا تسدُّ عنها لذَّة، ولا يعرفها إلا من ذَاقَ ثمارَ غرسه، وحصل نتائج سهره وتعبه.
المشهد الرابع: حوارٌ بين أهل الجنة وأهل النار ﴿وَنَادَىٰۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَـٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقࣰّا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقࣰّـاۖ قَالُواْ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَیۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾، ﴿وَنَادَىٰۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَـٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِیضُواْ عَلَیۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ﴾ صورة مكتملة، أهل الجنة يبدؤون بمخاطبة أهل النار ولومهم وتقريعهم، فلا يملك أهل النار إلا أن يُقرُّوا بخسارتهم وهلاكهم، ثم يأتيهم صوتٌ آخرٌ لا من هؤلاء ولا من هؤلاء ﴿أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ ليضيف على المشهد بُعدًا ثالثًا، وحركةً لافتةً، وكأنها جاءت لتذكِّرَ بوعد الله الحقِّ الذي كان أهل الإيمان يُحذِّرُون منه هؤلاء الكافرين الظالمين لمَّا كانوا يعيشُون معًا على هذه الأرض.
وأخيرًا: ينسَى أهل النار عداوتهم للمؤمنين وما سبَّبُوه لهم من أذًى، ويبدؤون بمُناشَدَتهم أن يتصدَّقُوا عليهم ببعضِ ما أنعم الله به عليهم، فهم يعرِفونهم رغم عداوَتهم أنهم هم أهلُ الصدقة، وأهلُ الخير، وأهلُ الرحمة ﴿أَنۡ أَفِیضُواْ عَلَیۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ﴾، فيأتي الجوابُ حاسِمًا ومُؤلمًا أن قوانين الآخرة ليست كقوانين الدنيا؛ ففي الدنيا كانت الأرزاق مشتركة، والمنافع متبادلة، والصدقة واردة، أما هنا فإن الله حرَّمَهما على الكافرين.
المشهد الخامس: أهلُ الأعراف يُحيُّون أهل الجنة ﴿وَعَلَى ٱلۡأَعۡرَافِ رِجَالࣱ یَعۡرِفُونَ كُلَّۢا بِسِیمَىٰهُمۡۚ وَنَادَوۡاْ أَصۡحَـٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَن سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُمۡۚ لَمۡ یَدۡخُلُوهَا وَهُمۡ یَطۡمَعُونَ﴾ هؤلاء الذين نجَّاهم الله من النار، ثم لم يكن عندهم من العمل ما يرفعهم إلى مقام الجنة، إنهم هنا يؤدُّون دورًا جميلًا بالنسبة لأهل الجنة، يذكِّرونهم بتفوُّقهم الذي نالُوه بما كانوا يعملون، نعم، فقد كانوا يعمَلون أكثرَ من غيرهم، ويُضحُّون ويتحمَّلُون الشدائد والمصائب في سبيل دينهم ودعوتهم.
المشهد السادس: أهل الأعراف يُقرِّعون أهل النار، ويتعوَّذُون منهم ﴿۞ وَإِذَا صُرِفَتۡ أَبۡصَـٰرُهُمۡ تِلۡقَاۤءَ أَصۡحَـٰبِ ٱلنَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ ﴿٤٧﴾ وَنَادَىٰۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡأَعۡرَافِ رِجَالࣰا یَعۡرِفُونَهُم بِسِیمَىٰهُمۡ قَالُواْ مَاۤ أَغۡنَىٰ عَنكُمۡ جَمۡعُكُمۡ وَمَا كُنتُمۡ تَسۡتَكۡبِرُونَ﴾.


﴿فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا﴾ باتخاذه شريكًا معه، أو بتحريف كتابه وتأويله على غير ما أنزل، أو القول عليه تحليلًا وتحريمًا وإخبارًا بما لم يقُلْه.
﴿نَصِیبُهُم مِّنَ ٱلۡكِتَـٰبِۖ﴾ ما قُدِّرَ لهم في علم الله جزاء أعمالهم.
﴿حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُنَا یَتَوَفَّوۡنَهُمۡ﴾ الرسل هنا ملائكة الموت المكلَّفون بقبض الأرواح.
﴿ضَلُّواْ عَنَّا﴾ غابوا ولم يحضروا معنا في هذه الساعة التي كنَّا نظنُّ أنهم سيقِفُون معنا فيها.
﴿ٱدۡخُلُواْ فِیۤ أُمَمࣲ﴾ ادخلوا النار مع جماعات مثلكم.
﴿كُلَّمَا دَخَلَتۡ أُمَّةࣱ لَّعَنَتۡ أُخۡتَهَاۖ﴾ تحسُّرًا وتضجُّرًا وتلاومًا.
﴿حَتَّىٰۤ إِذَا ٱدَّارَكُواْ﴾ تلاحقوا واجتمعوا فيها.
﴿قَالَتۡ أُخۡرَىٰهُمۡ لِأُولَىٰهُمۡ﴾ أي: الأتباع للمتبوعين، وفيه أن قادة الكفر يدخلون النار قبل أتباعهم من غوغاء القوم وسفلتهم، فهو تأخرٌ في الشأن، وتأخرٌ في الوقت، والله أعلم.
﴿فَـَٔاتِهِمۡ عَذَابࣰا ضِعۡفࣰا﴾ أي: مُضاعفًا؛ لأنهم ضلُّوا وأضلُّوا.
﴿قَالَ لِكُلࣲّ ضِعۡفࣱ﴾ استحقاقًا؛ لأنكم ضللتم وكفرتم، وكنتم عونًا لكبرائكم على الضلال والإضلال.
﴿فَمَا كَانَ لَكُمۡ عَلَیۡنَا مِن فَضۡلࣲ﴾ ليس لكم علينا مَيزة في كونكم أتباعًا؛ لأن التابع شريك المتبوع.
﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَ ٰ⁠بُ ٱلسَّمَاۤءِ﴾ فمكانهم السفل، لا يُقبل لهم دعاء، ولا يصعد لهم عمل.
﴿حَتَّىٰ یَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِی سَمِّ ٱلۡخِیَاطِۚ﴾ حتى يدخل الجمل من الإبل في ثقب الإبرة، مَثَلٌ لاستحالة الأمر وتعذُّره.
﴿لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادࣱ وَمِن فَوۡقِهِمۡ غَوَاشࣲۚ﴾ فِراشٌ وغطاءٌ، وغواشٌ من الغاشية التي تعلو البصر فلا تدعه يبصر، وهو هنا من اللهب والدخان المتصاعد، أعاذنا الله بلطفه ورحمته.
﴿وَٱلَّذِینَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۤ أُوْلَــٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ﴾ الوُسع: الطاقة، إشارة إلى أن عملَ الجنةِ سهلٌ ميسورٌ على خلاف ما يظنُّه غلاة المتديِّنِين، أو أولئك الذين فرُّوا من الدين لما أخَذُوه عن التديُّن؛ من صعوبةٍ وضنكٍ وعقدةٍ وعزلةٍ، فليس في الدين سوى ما ينسَجِم مع فطرة الخلق وحاجاتهم، وضمان سعادتهم.
﴿وَنَزَعۡنَا مَا فِی صُدُورِهِم مِّنۡ غِلࣲّ﴾ الغل: الحقد الذي يخرِّب الأخوَّة، ويقطِّع الأرحام، فأهلُ الجنة براءٌ من كل هذا، فلا يبقَى معهم ما كان بينهم في الدنيا، ولا يستجدُّ أيضًا، فليس في الجنة غير الودِّ والصفاء.
﴿وَنُودُوۤاْ أَن تِلۡكُمُ ٱلۡجَنَّةُ أُورِثۡتُمُوهَا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ ليس فيه تعارُضٌ مع ما ورد في الحديث: «لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الجَنَّةَ»، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «لَا، وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ» لأن العامل إنما يستحق الثواب برحمة الله، ولولا هذه الرحمة لما كان لهذا العمل قيمة؛ إذ ما جَدوَى العمل بالنسبة لله الغني الحميد؟
﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَیۡنَهُمۡ﴾ نادى مُنادٍ، على جهة التنكير فلا فائدة عملية من معرفة عينه وجنسه.
﴿یَصُدُّونَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ وَیَبۡغُونَهَا عِوَجࣰا﴾ هم الذين يحاربون الحق ويحاولون لَيَّه عن طريقه المستقيم ليوائِمَ أهواءهم وشهواتهم.
﴿وَبَیۡنَهُمَا حِجَابࣱۚ﴾ أي: بين الفريقين؛ أهل الجنَّة وأهل النار، فلا يصِلُ أحدٌ من أهل النار إلى الجنة إلا بإذنه سبحانه، كما لا يصِلُ أحدٌ من أهل الجنة إلى النار.
﴿وَعَلَى ٱلۡأَعۡرَافِ رِجَالࣱ﴾ العُرْفُ المكان المرتفع، وهؤلاء قومٌ ليسوا من أهل الجنة وليسوا من أهل النار لكنَّهم مشرفون عليهما، ليس من باب الرفعة والشرف كما توهَّم بعض المفسِّرين؛ لأن قوله تعالى فيهم: ﴿لَمۡ یَدۡخُلُوهَا وَهُمۡ یَطۡمَعُونَ﴾ دليلٌ على أنهم دون أهل الجنة مكانةً وتنعُّمًا وقُربًا من المولى الجليل، وطمعهم في الجنة لم يردَّه الله عليهم، وهذا مُؤذِنٌ بتحقُّقه ولو بعد حين، والله أعلم.
﴿یَعۡرِفُونَ كُلَّۢا بِسِیمَىٰهُمۡۚ﴾ يعرفون أهل النار بوجوههم المعذَّبة الكالِحَة، ويعرفون أهل الجنَّة بوجوههم النيِّرة، وثيابهم وحليِّهم.
﴿۞ وَإِذَا صُرِفَتۡ أَبۡصَـٰرُهُمۡ تِلۡقَاۤءَ أَصۡحَـٰبِ ٱلنَّارِ﴾ عرضًا لا قصدًا؛ لأنهم لا يُريدون أن يرَوهم.
﴿أَهَـٰۤـؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمۡتُمۡ لَا یَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحۡمَةٍۚ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ لَا خَوۡفٌ عَلَیۡكُمۡ وَلَاۤ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ﴾ هو من قول أهل الأعراف لمن يعرفونهم من أهل النار: أهؤلاء المستضعفون الذين كنتم تتكبَّرون عليهم، وترون أنهم لا يستحقون الخيرَ لا في الدنيا ولا في الآخرة، انظُروا كيف فضَّلَهم الله عليكم، وأدخَلَهم الجنة بلا خوفٍ ولا حُزنٍ، هذا المعنى هو المناسب للسياق، وهو أقرب من حمله على أنه خطاب الله لأهل الأعراف حينما يأذَن لهم بدخول الجنة، فتكون جملة: ﴿ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ﴾ لا صلة لها بجملة: ﴿أَهَـٰۤـؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمۡتُمۡ﴾ لأن الكافرين لم يُقسِمُوا على أهل الأعراف، بل أقسَمُوا على من ناوَأَهم من المؤمنين، والله أعلم.
﴿أَفِیضُواْ عَلَیۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ﴾ صبُّوا علينا الماء لعله يذهب بالعطش، أو يُخفِّف من النار.
﴿ٱتَّخَذُواْ دِینَهُمۡ لَهۡوࣰا وَلَعِبࣰا﴾ كأي متاع يتسلَّون به ويسدُّون به بعضَ فراغهم، بلا علمٍ وبحثٍ وتدقيقٍ، ولا عمل جادٍّ ومُثمرٍ، ومن نظر في بعض شعوب الأرض وكيف يتعاملون مع تراثهم الديني، وكيف يحتفلون بمناسباته الدينيَّة يُدرِك مغزى هذه الآية، ومثل هؤلاء من جعل الدين وسيلةً للكسب والعيش، كحال الكثير من المراجع، والسدَنَة، ورجال الدين.
﴿فَٱلۡیَوۡمَ نَنسَىٰهُمۡ كَمَا نَسُواْ لِقَاۤءَ یَوۡمِهِمۡ هَـٰذَا﴾ هو نسيانُ الإهمال والترك، وهو المناسب لإهمالهم أنفسهم وتركهم لطريق العلم البحث في مستقبلهم ومصيرهم.