{كلُّ نفس بما كسبتْ}: من أفعال الشرِّ وأعمال السوء {رهينةٌ}: بها موثقةٌ بسعيها، قد أُلْزِمَ عنقها وغُلَّ في رقبتها واستوجبت به العذاب، {إلاَّ أصحابَ اليمين}: فإنَّهم لم يرتهنوا، بل أُطلقوا وفرحوا {في جناتٍ يتساءلونَ. عن المجرمينَ}؛ أي: في جناتٍ قد حصل لهم فيها جميع مطلوباتهم وتمَّت لهم الراحةُ والطمأنينة، حتى أقبلوا يتساءلون، فأفضتْ بهم المحادثة أن سألوا عن المجرمين؛ أيُّ حال وصلوا إليها؟ وهل وَجَدوا ما وعَدَهم الله [تعالى]؟ فقال بعضهم لبعضٍ هل أنتم مُطَّلعونَ عليهم، فاطَّلعوا عليهم في وسطِ الجحيم يعذَّبون، فقالوا لهم: {ما سَلَككم في سَقَرَ}؛ أي: أيُّ شيءٍ أدخلكم فيها؟ وبأيِّ ذنبٍ اسْتَحَقيْتُموها؟ فقالوا: {لم نَكُ من المصلِّينَ. ولم نكُ نطعِمُ المسكينَ}: فلا إخلاص للمعبودِ ولا إحسانَ ولا نفع للخلق المحتاجين، {وكنَّا نخوضُ مع الخائضينَ}؛ أي: نخوض بالباطل ونجادل به الحقَّ، {وكنَّا نكذِّبُ بيوم الدِّينِ}: هذه آثار الخوض بالباطل، وهو التَّكذيب بالحقِّ، ومن أحقِّ الحقِّ يوم الدين، الذي هو محلُّ الجزاء على الأعمال وظهور مُلك الله وحُكمه العدل لسائر الخلق، فاستمرَّ عَمَلُنا على هذا المذهب الباطل {حتَّى أتانا اليقين}؛ أي: الموت، فلما ماتوا على الكفر؛ تعذَّرت حينئذٍ عليهم الحِيَلُ، وانسدَّ في وجوههم باب الأمل. {فما تَنفَعُهم شفاعةُ الشَّافعين}؛ لأنَّهم لا يشفعون إلاَّ لِمَنِ ارتضى، وهؤلاء لا يرضى الله أعمالهم.