﴿حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةࣱ﴾ الفتنة: اسمٌ جامعٌ للشرِّ، شرُّ الدين بالكفر والشرك، وشرُّ الدنيا بالظلم والفوضى والفساد.
﴿وَیَكُونَ ٱلدِّینُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ﴾ الدين لله من قبل ومن بعد، وإنما المقصود خضوع الأرض لهذا الدين، وقبولها لهذه الرحمة.
﴿۞ وَٱعۡلَمُوۤاْ أَنَّمَا غَنِمۡتُم﴾ من أموال المُحارِبين.
﴿فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ﴾ على سبيل التشريف، وإلا فإن الدنيا والآخرة لله، فما ينفق على الفقراء والمساكين والأمور العامة كأنه أُعطِي لله سبحانه.
﴿یَوۡمَ ٱلۡفُرۡقَانِ﴾ يوم بدر؛ لأنه فرَّق بين الحقِّ والباطل، وفرَّق بين مرحلة الاستضعاف ومرحلة السيادة والتمكين.
﴿بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلدُّنۡیَا﴾ طرف الوادي الأقرب.
﴿مَفۡعُولࣰا لِّیَهۡلِكَ مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَیِّنَةࣲ وَیَحۡیَىٰ مَنۡ حَیَّ عَنۢ بَیِّنَةࣲۗ﴾ الهلاك بالكفر والعناد بعد قيام الحجة، والحياة بالإيمان بعد وضوح الحجَّة والاهتِداء بها.
﴿وَلَوۡ أَرَىٰكَهُمۡ كَثِیرࣰا لَّفَشِلۡتُمۡ وَلَتَنَـٰزَعۡتُمۡ فِی ٱلۡأَمۡرِ﴾ يعني: لو أن النبيَّ
ﷺ رآهم في منامه كثيرًا، وقصَّ هذه الرؤيا على المسلمين، لداخَلَهم الخوف والهلع، ولاختلفوا في الخروج، وفيه إشارةٌ لدور
الشورى وتأثيرها في القرار.
﴿فَٱثۡبُتُواْ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِیرࣰا﴾ إشارةٌ إلى أن الذكر عبادة لا تنفصل عن الحياة، بل هو ضرورةٌ لها؛ لأنه يمنحها القوَّة والعزيمة والثبات.
﴿وَأَطِیعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَـٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ﴾ دلالة أن ترك الطاعة لله جهلًا أو عنادًا يؤدِّي إلى التنازع، والتنازع يؤدِّي إلى الفشل، فالتربية الصحيحة أصلٌ للوحدة، والوحدة أصلٌ للنجاح، والمجتمع الفاشل لا بدَّ أن يبحث في كلتا المقدِّمَتَين.
﴿وَتَذۡهَبَ رِیحُكُمۡۖ﴾ تزول قوّتُكم، ويُمحَى اسمُكم.
﴿خَرَجُواْ مِن دِیَـٰرِهِم بَطَرࣰا وَرِئَاۤءَ ٱلنَّاسِ﴾ هم المشركون الذين خرجوا من مكة بالخمر والقِيَان؛ اغتِرارًا بقوتهم واستهانة بخصمهم، وطلبًا للسمعة والفخر وبقاء هيبتهم في نفوس العرب.
﴿نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَیۡهِ﴾ ولَّى هاربًا مذعورًا وترك عهوده ووعوده.
﴿إِنِّیۤ أَرَىٰ مَا لَا تَرَوۡنَ﴾ يعني: الملائكة؛ لأن الشيطان كان يراهم ويعرفهم.
﴿إِنِّیۤ أَخَافُ ٱللَّهَۚ﴾ ليس خوف التقوى والتعبُّد، بل خوف الجاحد الحاسد الذي يعرف مصيره بعد عصيانه وتكبُّره.
﴿غَرَّ هَـٰۤـؤُلَاۤءِ دِینُهُمۡۗ﴾ أصابَهم بالغرور، ودفَعَهم لمواجهةٍ غير محسوبة، والقصد التشكيك والتثبيط، وهو دور النفاق في كلِّ زمانٍ ومكانٍ.
﴿یَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَـٰرَهُمۡ﴾ صورة من صور الخزي التي تنتظر الكافرين يوم القيامة، وهي الصورة المناسبة لما كانوا عليه من العناد والتكبُّر وتصعير الخدِّ، وهذا أقربُ من القول أن هذا كان يوم بدر؛ لأن الملائكة علَّمَهم الله أن يضربوا فوق الأعناق، ويضربوا كلَّ بنان.
ثم إن كلمة
﴿یَتَوَفَّى﴾ أقرب للمعنى الأخروي، وقد تقدَّمَت على الضرب، فالضرب حاصلٌ عند الوفاة، والله أعلم
﴿كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ﴾ الدأب هو الشأن المعتاد والمتكرّر.
﴿ذَ ٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ یَكُ مُغَیِّرࣰا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ﴾ دلالة على أن تغيير النعمة عقوبة، والعقوبة لا تكون إلا بذنب، والظاهر أن النعمة هنا جاءت بمعناها الشامل، أما العوارض والحوادث التي تصيب الناس من صحةٍ ومرضٍ وغنًى وفقرٍ فهذا يحتمل العقوبة، ويحتمل الابتلاء والاختبار، وهو ماضٍ وفق عالم الأسباب وسنن الله وقوانينه في هذه الحياة.
﴿كَفَرُواْ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ﴾،
﴿كَذَّبُواْ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّهِمۡ فَأَهۡلَكۡنَـٰهُم بِذُنُوبِهِمۡ﴾ فسَّرَ الكفر بالتكذيب، والأخذ بالهلاك، ثم ذكَّر بأن الله الذي كفروا به إنما هو ربُّهم الذي يخلقهم ويرزقهم، وهكذا يفسِّر القرآن بعضُه بعضًا بنسَقٍ بنائيٍّ تكامليٍّ.