سورة الأنفال تفسير مجالس النور الآية 55

إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَاۤبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِینَ كَفَرُواْ فَهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ ﴿٥٥﴾

تفسير مجالس النور سورة الأنفال

المجلس الثامن والسبعون: فقه الجهاد


من الآية (55- 75)


ضمَّت خواتيم الأنفال أحكامًا فقهيَّة، وتوجيهات عمليَّة تفصيليَّة متعلقة بفقه الجهاد وما يتفرَّع عنه من مسائل، وهذه طريقة القرآن في التفقيه والتعليم؛ حيث يسوق المعلومات مع أحداثها وأسبابها؛ لِتَكُون مشروحةً بالوقائع، ولِتَكُون أَدعَى لرسوخها واستذكارها:
أولًا: حكم العدو المعاهد إذا نقض عهده ﴿ٱلَّذِینَ عَـٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ یَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِی كُلِّ مَرَّةࣲ وَهُمۡ لَا یَتَّقُونَ ﴿٥٦﴾ فَإِمَّا تَثۡقَفَنَّهُمۡ فِی ٱلۡحَرۡبِ فَشَرِّدۡ بِهِم مَّنۡ خَلۡفَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ یَذَّكَّرُونَ﴾ يلاحظ هنا أن القرآن ذكر صفتَين لهؤلاء؛ تكرار النقض، ووقوفهم في الميدان مع العدو، فهم بهاتين الصفتين يستحقون أشدَّ العقاب، بحيث يكونون عبرةً لغيرهم من المعاهدين.
ثانيًا: حكم العدوِّ المعاهد الذي بدَرَت منه علامات النقض دون تصريح، بحيث تكون هناك خشية من نقضه للعهد في ساعة الشدَّة ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِیَانَةࣰ فَٱنۢبِذۡ إِلَیۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَاۤءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡخَاۤىِٕنِینَ﴾ فالواجب إعلامهم بإبطال العهد قبل البدء بقتالهم، أو يُقدِّمون ما يزيل هذه الخشية وذاك الشك.
ثالثًا: حكم العدو الذي يطلب السلم ﴿۞ وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ﴾ وهذا دليلٌ أن أصل العلاقة بين المؤمنين وغيرهم السلم والمعاملة الحسنة، وأن القتال استثناءٌ من الأصل، ولا يُلجأ إلى الاستثناء إلا بشروطه.
رابعًا: التنبيه إلى ضرورة الحيطة والحذر عند كلِّ عهد ﴿وَإِن یُرِیدُوۤاْ أَن یَخۡدَعُوكَ فَإِنَّ حَسۡبَكَ ٱللَّهُۚ هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ فالمؤمنون عليهم أن ينتبهوا لهذه المخادعة إن وُجِدَت، وهذا الانتباه من تأييد الله لنبيِّه .
خامسًا: وجوب إعداد القوَّة التي تردَع العدوَّ ومَنْ وراءه قبل أن يفكِّر بالعدوان، والاستعداد لكلِّ طارئٍ ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَیۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِینَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ یَعۡلَمُهُمۡۚ﴾.
سادسًا: وجوب الإنفاق على الجهاد والمجاهدين، وهذا من تمام الإعداد ولوازمه ﴿وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَیۡءࣲ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ یُوَفَّ إِلَیۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ﴾.
سابعًا: وجوب التوحُّد والتلاحُم والتكافُل بين المؤمنين ﴿هُوَ ٱلَّذِیۤ أَیَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِینَ ﴿٦٢﴾ وَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ﴾ وهذا التأليفُ ثمرةٌ من ثمرات الإيمان ونتيجةٌ له، وليس تأليفًا قدَرِيًّا بالمعنى البعيد عن التكليف وتحمُّل المسؤولية.
ثامنًا: وجوب التحريض على القتال؛ استعدادًا للمواجهة في حال حصولها أو توقُّعها ﴿یَــٰۤـأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ حَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ عَلَى ٱلۡقِتَالِۚ﴾ وخطابُ النبي خطابٌ لأمته إلى قيام الساعة.
تاسعًا: حكم القتال إذا كان عدد المسلمين أقلَّ من عدد المشركين ﴿إِن یَكُن مِّنكُمۡ عِشۡرُونَ صَـٰبِرُونَ یَغۡلِبُواْ مِاْئَتَیۡنِۚ وَإِن یَكُن مِّنكُم مِّاْئَةࣱ یَغۡلِبُوۤاْ أَلۡفࣰا مِّنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمࣱ لَّا یَفۡقَهُونَ ﴿٦٥﴾ ٱلۡـَٔـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِیكُمۡ ضَعۡفࣰاۚ فَإِن یَكُن مِّنكُم مِّاْئَةࣱ صَابِرَةࣱ یَغۡلِبُواْ مِاْئَتَیۡنِۚ وَإِن یَكُن مِّنكُمۡ أَلۡفࣱ یَغۡلِبُوۤاْ أَلۡفَیۡنِ بِإِذۡنِ ٱلـلَّـهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ﴾.
ومقتضى الحكم الأول: الثبات في المعركة حتى لو كانت نسبة المسلمين إلى الكافرين واحدًا من عشرة، ثم خفَّف الله الحكم؛ بحيث لا يجب عليهم الثبات إلا إذا بلغوا النصف من عدد عدوِّهم، وهذا التخفيفُ مردُّه إلى تغيُّر مستوى الإعداد التربوي، والقدرة على المقاومة وتحمُّل المشاقِّ بين طبقة المهاجرين والأنصار، والطبقة المتأخرة من الأعراب، والذين دخَلوا في دين الله أفواجا.
وهنا مسألة أخرى: أن الآية تتحدَّث عن الفارق العددي فقط، وهناك فوارق أخرى لم تتعرَّض لها الآية، ومن أهمها: فارق التسليح، وفارق التدريب، وطبيعة الأرض، ونسبة الموارد، ومستلزمات الرعاية والتواصل، وهذه كلها ينبغي أن تُؤخَذ بالحسبان، والظاهر أنها متروكة لأُولِي الأمر وقادة الجيش؛ لأنها مختلفة في كلِّ مكانٍ وزمانٍ، ولا يمكن تحديد ضابط مسبق لها، والله أعلم.
عاشرًا: حكم الأسرى ﴿مَا كَانَ لِنَبِیٍّ أَن یَكُونَ لَهُۥۤ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ یُثۡخِنَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ﴾، ﴿یَــٰۤـأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ قُل لِّمَن فِیۤ أَیۡدِیكُم مِّنَ ٱلۡأَسۡرَىٰۤ إِن یَعۡلَمِ ٱللَّهُ فِی قُلُوبِكُمۡ خَیۡرࣰا یُؤۡتِكُمۡ خَیۡرࣰا مِّمَّاۤ أُخِذَ مِنكُمۡ وَیَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾ ومجموع الآيتَين يدلُّ على أن غايةَ القتال تحقيقُ المصلحة العليا للأمة بدفع الخطر عنها، وردِّ عدوِّها، ولما كان الانشغال بالأَسْر وما يكلِّفه الاحتفاظ بالأسرى من حمايةٍ وجهدٍ مُضافٍ على قلَّة عدد المجاهدين تجاه عدوِّهم، وإمكانية رجوع هؤلاء الأسرى إلى القتال، فكان الحكم المناسب هو قتلهم، أما وقد عفا عن قتلهم رسولُ الله اجتهادًا منه لعدم وجود النص الإلهي فيهم، وأخذًا بمبدأ الشورى فقد أمضاه الله، ونزل القرآن معلِّمًا للمسلمين فيما ينبغي عليهم فعله في مثل هذه الحالة، وداعيًا للأسرى أن يفكِّروا في الحقِّ وفي هذا النبيِّ الرحيم بهم رغم عداوتهم ومحاربتهم له.
والجديرُ بالذكر أن حكم الأسرى يختلف باختلاف الظروف والأحوال، وقد أشارَت الآية الأولى إلى وجه من أوجه الاختلاف: ﴿حَتَّىٰ یُثۡخِنَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ﴾، والله أعلم.
حادي عشر: حكم الولاء بين المؤمنين الذين يعيشون في دولة المدينة أنصارًا ومهاجرين ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَـٰهَدُواْ بِأَمۡوَ ٰ⁠لِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِینَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُوْلَــٰۤىِٕكَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ﴾ فهؤلاء بينهم الولاء الكامل، ويقاس عليهم كلُّ مجتمعٍ مسلمٍ يعيش في دولة واحدة، ويخضع تحت سلطان شرعي واحد، والله أعلم.
ثاني عشر: حكم الولاء للمسلمين الذين يعيشون خارج الدولة المسلمة ﴿وَٱلَّذِینَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ یُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلَـٰیَتِهِم مِّن شَیۡءٍ حَتَّىٰ یُهَاجِرُواْۚ وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِی ٱلدِّینِ فَعَلَیۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۭ بَیۡنَكُمۡ وَبَیۡنَهُم مِّیثَـٰقࣱۗ﴾ وهذا حكمٌ دقيقٌ ومركَّب، فالمسلم الذي يعيش خارج الدولة المسلمة ليس له من حقوق المواطنين شيء، لكنه داخل في الولاء العام للمسلمين، وهو الولاء للأمة المسلمة أينما كان أفرادها، فله أن يستنصر بالمسلمين وبالدولة المسلمة حتى لو كان في دولة أخرى، وعلى الدولة المسلمة نُصرته إلا إذا كانت هذه النصرة تخالف معاهدةً قائمةً؛ فالالتزام بالعهد واجب.
وقد حصل مثل هذا بعد الحديبية مع أبي بَصير وأبي جَندل وغيرهما من المستضعفين في مكة، فردَّهم رسولُ الله ووفَّى بعهده مع قريش، بينما لو اعتَدَت قريشٌ على واحد من المسلمين في المدينة فنُصرتُه واجبة، وهذا فارقٌ نفيسٌ في الولاء بين ولاء الأمة التي يجمعها الإسلام، وبين ولاء الدولة التي لا تضمُّ كلَّ المسلمين، كما هو معهُودٌ في الدول المسلمة على اختلافها زمانًا ومكانًا، والله أعلم.
ثالث عشر: حكم الذي يلتَحِق فيما بعد بالدولة المسلمة ﴿وَٱلَّذِینَ ءَامَنُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَهَاجَرُواْ وَجَـٰهَدُواْ مَعَكُمۡ فَأُوْلَــٰۤىِٕكَ مِنكُمۡۚ﴾ فلهم تمام الولاء، ويقاسُ عليه كلُّ مسلم يُهاجر إلى دولة مسلمة، ويحصل فيها على الجنسية باعتباره مواطنًا وليس زائرًا أو كاسبًا، والله أعلم.
رابع عشر: حكم العلاقة بين القرابات والأرحام ﴿وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضࣲ فِی كِتَـٰبِ ٱللَّهِۚ﴾ وهو ولاءٌ خاصٌّ ومركَّزٌ، ويتضمَّن حقوقًا مضافةً؛ كالتوارث، والتواصل، والنفقة، وهو ولاء داخل ضمن الولاء للدولة، والولاء للأمة.


﴿إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَاۤبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِینَ كَفَرُواْ فَهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ﴾ أي: لا يُرجَى إيمانهم؛ لأنهم سدُّوا منافذ المعرفة لديهم، كما تقدم في قوله: ﴿۞ إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَاۤبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلۡبُكۡمُ ٱلَّذِینَ لَا یَعۡقِلُونَ﴾.
﴿فَإِمَّا تَثۡقَفَنَّهُمۡ فِی ٱلۡحَرۡبِ﴾ تظفرَنَّ بهم.
﴿فَشَرِّدۡ بِهِم مَّنۡ خَلۡفَهُمۡ﴾ اضربهم ضربةً تلقي الخوف والرعب في قلوب الأعداء الآخرين حتى لا يفكروا بعُدوان، ولا يتحالفوا مع عدوٍّ.
﴿تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِیَانَةࣰ﴾ تظنُّ فيهم الخيانة، والخوفُ هنا توقُّع السوء.
﴿فَٱنۢبِذۡ إِلَیۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَاۤءٍۚ﴾ أعْلِمْهُم بانتِهاء العهد بينك وبينهم إعلامًا صريحًا لا تشوبه شائبة؛ تحرُّزًا عن شبهة الغدر.
﴿وَلَا یَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُواْ سَبَقُوۤاْۚ﴾ أي: نجوا فلا نقدر عليهم.
﴿وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَیۡلِ﴾ القوة المناسبة لذلك الزمن، والعمل بالآية يقتضي إعداد القوة المناسبة لكلِّ زمنٍ، ولا يشترط إعداد الخيول، وهنا دلالة أن أدوات العمل وتنفيذ الحكم تتغيَّر زمانًا ومكانًا، كما نحُجُّ اليوم بالطائرات والسيَّارات ولا نحُجُّ (رِجالًا) ولا (على كل ضَامِرٍ)، وقد أجمع المسلمون على هذا، وهو بابٌ واسعٌ لمواكبة العصر، والاستفادة من علومه ومخترعاته.
﴿تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ﴾ والإرهاب هنا تخويف العدو حتى لا يُقدِم على عدوانه، وليس فيه معنى التوحُّش والرغبة بسفك الدماء - حاشا لله -؛ فالأصلُ في الإسلام: الرحمة، والدعوة للخير ولسعادة الدارين لكلِّ العالمين ﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا رَحۡمَةࣰ لِّلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [الأنبياء: 107].
﴿۞ وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ﴾ أصل الجُنُوح المَيْل، ومعناه هنا: إظهار الرغبة بالصلح.
﴿وَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ﴾ قدَّم تأليف القلوب؛ لأنه أصلٌ لكلِّ معاني التآلف الماديَّة والمعنويَّة، وأكَّد أن تأليف القلوب لا يكون بالأعطيات والنفقات المُجرَّدة.
﴿حَتَّىٰ یُثۡخِنَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ﴾ إلى أن تكون له القوَّة والشوكة والتمكين.
﴿تُرِیدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡیَا﴾ بالفداء الذي تأخذونه من الأسرى.
﴿وَٱللَّهُ یُرِیدُ ٱلۡأَخِرَةَۗ﴾ يريد لكم ثوابها الذي هو أعمُّ وأبقَى.
﴿لَّوۡلَا كِتَـٰبࣱ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ﴾ حكمٌ إلهيٌّ سابقٌ أن لا يعذِّب من اجتهد ولو أخطأ، وأن لا يعذِّب أحدًا قبل بيان الحكم؛ لأن حكم الأسرى لم يكن قد نزل فيه وحي، والله أعلم.
﴿فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمۡتُمۡ حَلَـٰلࣰا طَیِّبࣰاۚ﴾ تأكيدٌ لمشروعية الفداء؛ لأنه جاء باجتهادٍ وشورى دون مخالفةٍ لنصٍّ، وحاشا لرسول الله أن يقع في مخالفةٍ لنصٍّ.
﴿إِن یَعۡلَمِ ٱللَّهُ فِی قُلُوبِكُمۡ خَیۡرࣰا یُؤۡتِكُمۡ خَیۡرࣰا مِّمَّاۤ أُخِذَ مِنكُمۡ﴾ ترغيبٌ لأسرى المشركين أن يهتَدُوا لطريق الحقِّ والخير، وهذا دليلٌ على رغبة الإسلام في تحقيق الرحمة الشاملة لكلِّ العالمين.
﴿وَٱلَّذِینَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ﴾ هم الأنصار  الذين آوَوا رسولَ الله ونصَرُوه.
﴿إِلَّا تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةࣱ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادࣱ كَبِیرࣱ﴾ تحذيرٌ من مخالفة أحكام الولاء، ومنها: مناصرة المؤمنين، ومنابذة الكافرين المعتدين، والفتنة: الشرُّ العام في دين الناس ودنياهم، والله أعلم.
﴿وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ﴾ عامٌّ في كلِّ القرابات من طريق الأب، ومن طريق الأمِّ، ممن يرِثُون وممن لا يرِثُون، والله أعلم.