﴿إِذَا ٱلسَّمَاۤءُ ٱنفَطَرَتۡ﴾ أي: انشقَّت، كما جاء في سورة الانشقاق:
﴿إِذَا ٱلسَّمَاۤءُ ٱنشَقَّتۡ﴾ [الانشقاق: 1]، والقرآن يُفسِّرُ بعضُه بعضًا.
﴿وَإِذَا ٱلۡكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتۡ﴾ لانفراط نظامها الذي كان يمسك بها في أفلاكها ومداراتها.
﴿وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ فُجِّرَتۡ﴾ أي: استعرت فيها النار، وقد تقدَّم هذا المعنى في سورة
التكوير السابقة
﴿وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ سُجِّرَتۡ﴾ [التكوير: 6]، وقد يكون التفجير بسبب البراكين الهائلة المنبعثة من باطن الأرض، ثم يعقبه التسجير، هذا وقد صوَّر كثيرٌ من المهتمين بعض البراكين الجزئيّة المنبعثة من داخل الأرض في أعماق البحار، والله أعلم بما سيحدث في ذلك اليوم.
﴿وَإِذَا ٱلۡقُبُورُ بُعۡثِرَتۡ﴾ لخروج مَن فيها بعد عودة الأرواح إلى أصحابِها، وهذا من الأخبار الغيبيَّة التي لا تحصل صورتها في الذهن، وإنَّما المطلوب الإيمان بها، وفهم المقصود من الإخبار بها، وهو الاستعداد لذلك اليوم.
﴿عَلِمَتۡ نَفۡسࣱ مَّا قَدَّمَتۡ وَأَخَّرَتۡ﴾ أي: ما قدَّمَتْهُ من عملٍ خيرًا كان أو شرًّا، وما تخلّفت عنه فلم تُقدِّمه وهو مطلوبٌ منها، ومفروضٌ عليها؛ كالصلاة، والصيام، ويحتمل أيضًا أن يكون ما أخَّرته أي: ما ترَكَتْه من آثارٍ نافعةٍ أو ضارةٍ، فهذه تستمرُّ حسناتها أو سيئاتها ما دام الأثر موجودًا.
﴿یَــٰۤـأَیُّهَا ٱلۡإِنسَـٰنُ﴾ خطابٌ بجنسه العام دون تمييزٍ بين أسود وأبيض، أو عربيٍّ وأعجميٍّ، أو غنيٍّ وفقيرٍ، أو مأمورٍ وأميرٍ، أو رجلٍ وامرأةٍ، إنّهم جميعًا أمام الله بعنوانٍ واحدٍ (الإنسان)؛ هكذا خلقه الله واحدًا، وأراده أن يبقى واحدًا، واحدًا بخلقته، وواحدًا بفطرته، وواحدًا بعبوديته لربِّه.
﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلۡكَرِیمِ﴾ هذا سؤالٌ موجَّهٌ للإنسان المُشرِك بالله، المُنكِر للبعث، سؤالٌ على سبيل الإنكار والتعجُّب من أن يُقابل ربَّه الكريم بهذا الكفر والإعراض، يسأله عن الدافع الذي دفعه، وعن الذي زيَّنَ له هذا الطريق الخاطئ.
﴿ٱلَّذِی خَلَقَكَ فَسَوَّىٰكَ فَعَدَلَكَ﴾ خلقَك أي: خلقَك من العدم، وسوَّاك أي: أتَمَّ خَلقَك من غير نقصٍ ولا خللٍ، وعَدَلَكَ أي: نصَبَ قامَتَك وجعل أعضاءَك كلّها مُتناسقة ومُتوازنة، والمقصود بهذا الإخبار: إظهار الامتِنان على الناس بهذا التكريم والتمييز، وتوبيخ المشرك أن تنكَّر لهذا اللطف الإلهي، وهذه النعمة الظاهرة.
﴿فِیۤ أَیِّ صُورَةࣲ مَّا شَاۤءَ رَكَّبَكَ﴾ أي: في أي صورةٍ عظيمةٍ وبديعةٍ ركَّبك، والسياق سياق مدحٍ وتعظيمٍ لمنّة الله على الناس.
﴿كَلَّا بَلۡ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّینِ﴾ أي: تُكذِّبون بيوم الحساب.
﴿وَإِنَّ عَلَیۡكُمۡ لَحَـٰفِظِینَ﴾ أي: ملائكة يُحصُون عليكم أعمالكم، ويحفظونها ليوم الحساب.
﴿كِرَامࣰا﴾ صفةٌ للملائكة وبيانٌ لمقامهم عند الله تعالى.
﴿كَـٰتِبِینَ﴾ صفة أخرى متعلقة بوظيفتهم، بمعنى أنّهم يُدوِّنون ما يأمرهم الله بتدوينه.
﴿یَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ﴾ أي: يدوِّنون عن علمٍ ويقينٍ، لا عن ظنٍّ وتخمينٍ.
﴿إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِی نَعِیمࣲ﴾ الأبرار هم: المؤمنون، والأبرار وصفٌ لهم، وهو من البِرِّ بمعنى: الإحسان وعمل الخير، فهؤلاء يعِدُهم الله بنعيم الجنّة الدائم.
﴿وَإِنَّ ٱلۡفُجَّارَ لَفِی جَحِیمࣲ﴾ وهؤلاء هم المشركون ومُنكِرو البعث، والفُجَّار وصفٌ لهم، وهو من الفجور الذي هو ضِدُّ البِر، فهؤلاء يتوعّدهم الله بالجحيم.
﴿یَصۡلَوۡنَهَا یَوۡمَ ٱلدِّینِ﴾ أي: يصطلون بنارها ويُعذَّبون بها يوم القيامة.
﴿وَمَا هُمۡ عَنۡهَا بِغَاۤىِٕبِینَ﴾لا يغيبون عنها؛ أي: لا يخرجون منها.
﴿وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا یَوۡمُ ٱلدِّینِ﴾ سؤالٌ قُصِدَ به التهويل والتعظيم لشأنه وخطره.
﴿یَوۡمَ لَا تَمۡلِكُ نَفۡسࣱ لِّنَفۡسࣲ شَیۡـࣰٔاۖ وَٱلۡأَمۡرُ یَوۡمَىِٕذࣲ لِّلَّهِ﴾ هذه صفةٌ من صفات يوم الدين، وحالةٌ من حالاته، وقد خصَّها بالذِّكر تنبيهًا عليها؛ لئلا يظنّ ظانٌّ أنّه سينجو هناك بعمل غيره، فإنَّما لكلِّ امرئٍ ما عمل، وأن ليس للإنسان إلَّا ما سعى.