سورة المطففين تفسير السعدي الآية 25

یُسۡقَوۡنَ مِن رَّحِیقࣲ مَّخۡتُومٍ ﴿٢٥﴾

تفسير السعدي سورة المطففين

فلمَّا ذَكَرَ كتابَهم؛ ذَكَرَ أنَّهم في نعيم، وهو اسمٌ جامعٌ لنعيم القلب والرُّوح والبدن. {على الأرائِكِ}؛ أي: على السرر المزيَّنة بالفرش الحسان، {ينظُرونَ}: إلى ما أعدَّ الله لهم من النعيم، وينظرون إلى وجه ربِّهم الكريم، {تعرِفُ}: أيُّها الناظر ، {في وجوههم نَضْرَةَ النَّعيم}؛ أي: بهاءه ونضارته ورونقه؛ فإنَّ توالي اللَّذَّات والمسرَّات والأفراح يكسب الوجه نوراً وحسناً وبهجةً، {يُسْقَوْنَ من رحيقٍ}: وهو من أطيب ما يكون من الأشربة وألذها، {مختوم} ذلك الشرابُ {ختامُه مسكٌ}: يُحتمل أن المراد مختومٌ عن أن يداخِلَه شيءٌ يُنْقِصُ لذَّته أو يفسِدُ طعمه، وذلك الختام الذي ختم به مسكٌ، ويحتمل أنَّ المراد أنَّه الذي يكون في آخر الإناء الذي يشربون منه الرحيق حثالة، وهي المسك الأذفر؛ فهذا الكدر منه الذي جرت العادة في الدُّنيا أنه يراق يكون في الجنَّة بهذه المثابة. {وفي ذلك}: النعيم المقيم الذي لا يعلم حسنه ومقداره إلاَّ الله، {فَلْيَتَنافَسِ المتنافسونَ}؛ أي: فليتسابقوا في المبادرة إليه والأعمال الموصلة إليه؛ فهذا أولى ما بُذِلَتْ فيه نفائس الأنفاس، وأحرى ما تزاحمت للوصول إليه فحول الرجال. ومزاجُ هذا الشراب {مِنْ تَسْنيم}: وهي عين {يشربُ بها المقرَّبون}: صرفاً، وهي أعلى أشربة الجنة على الإطلاق؛ فلذلك كانت خالصةً للمقرَّبين، الذين هم أعلى الخلق منزلة، وممزوجة لأصحاب اليمين؛ أي: مخلوطة بالرحيق وغيره من الأشربة اللذيذة.