هذا ما وعد الله به المؤمنين من نصر دينه وإعلاء كلمته وخذلان أعدائهم من المشركين الذين أخرجوا الرسول ومَنْ معه من مكة من بيت الله الحرام وأجلَوْهم مما لهم التسلُّط عليه من أرض الحجاز؛ نصر اللهُ رسولَه والمؤمنين حتى افتتح مكة وأذلَّ المشركين وصار للمؤمنين الحكمُ والغَلَبَةُ على تلك الديار، فأمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مؤذِّنه أن يؤذِّن يوم الحج الأكبر، وهو يوم النحر، وقت اجتماع الناس مسلمهم وكافرهم من جميع جزيرة العرب: أن يؤذِّن بأنَّ الله بريءٌ ورسوله من المشركين؛ فليس لهم عنده عهدٌ وميثاقٌ؛ فأينما وُجِدوا قُتِلوا، وقيل لهم: لا تقربوا المسجد الحرام بعد عامكم هذا! وكان ذلك سنة تسع من الهجرة، وحجَّ بالناس أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وأذَّن ببراءة يوم النحر ابنُ عمِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ثم رغَّب تعالى المشركين بالتوبة ورهَّبهم من الاستمرار على الشرك، فقال: {فإن تُبْتُم فهو خيرٌ لكم وإن تولَّيْتم فاعلموا أنَّكم غير معجزي الله}؛ أي: فائتيه، بل أنتم في قبضته، قادر أن يسلط عليكم عباده المؤمنين. {وبشر الذين كفروا بعذاب أليم}؛ أي: مؤلم مفظع في الدنيا بالقتل والأسر والجلاء وفي الآخرة بالنار وبئس القرار.