ثم توعدهم على عدم النفير، فقال: {إلَّا تَنفِروا يعذِّبكم عذاباً أليماً}: في الدُّنيا والآخرة؛ فإن عدم النفير في حال الاستنفار من كبائر الذُّنوب الموجبة لأشدِّ العقاب؛ لما فيها من المضارِّ الشديدة؛ فإنَّ المتخلِّف قد عصى الله تعالى، وارتكب لنهيه، ولم يساعد على نصر دين الله، ولا ذبَّ عن كتاب الله وشرعه، ولا أعان إخوانه المسلمين على عدوِّهم الذي يريد أن يستأصلهم ويمحقَ دينهم، وربما اقتدى به غيره من ضعفاء الإيمان، بل ربما فتَّ في أعضاد من قاموا بجهاد أعداء الله؛ فحقيقٌ بمن هذا حاله أن يتوعَّده الله بالوعيد الشديد، فقال: {إلَّا تَنفِروا يعذِّبْكم عذاباً أليماً ويستبدلْ قوماً غيركم}: ثم لا يكونوا أمثالكم، {ولا تضرُّوه شيئاً}؛ فإنه تعالى متكفِّل بنصر دينه وإعلاء كلمته؛ فسواءٌ امتثلتم لأمر الله أو ألقيتموه وراءكم ظِهْرِيًّا. {والله على كل شيء قديرٌ}: لا يعجِزُه شيء أراده ولا يغالبه أحدٌ.