ثم فسَّر تلك البيِّنة، فقال: {رسولٌ من اللهِ}؛ أي: أرسله الله يدعو الناس إلى الحقِّ، وأنزل عليه كتاباً يتلوه ليعلِّم الناس الحكمة ويزكِّيهم ويخرجَهم من الظُّلُمات إلى النُّور، ولهذا قال: {يتلو صُحُفاً مطهَّرةً}؛ أي: محفوظةً من قربان الشياطين، لا يمسُّها إلاَّ المطهَّرون؛ لأنَّها أعلى ما يكون من الكلام، ولهذا قال عنها: {فيها}؛ أي: في تلك الصُّحف {كتبٌ قيِّمةٌ}؛ أي: أخبارٌ صادقةٌ وأوامرُ عادلةٌ تهدي إلى الحقِّ وإلى طريقٍ مستقيمٍ؛ فإذا جاءتهم هذه البيِّنة؛ فحينئذٍ يتبيَّن طالب الحقِّ ممَّن ليس له مقصدٌ في طلبه، فيهلك مَن هلك عن بيِّنة ويحيا من حيَّ عن بيِّنةٍ.