سورة الزلزلة تفسير مجالس النور الآية 3

وَقَالَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مَا لَهَا ﴿٣﴾

تفسير مجالس النور سورة الزلزلة

المجلس الثالث والتسعون بعد المائتين: ليُروا أعمالهم


سورة الزلزلة


موضوع هذه السورة هو اليوم الآخر وما فيه من أهوالٍ وأحوالٍ، وثوابٍ وعقابٍ، ويتلخَّصُ في الآتي:
أولًا: تستهلُّ السورة بذلك الحدث العظيم الذي تُزلزَل فيه الأرض زِلزالًا شديدًا حتى يُخرج كلّ ما في داخلها من مياه ومعادن وغيرها ﴿إِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَا ﴿١﴾ وَأَخۡرَجَتِ ٱلۡأَرۡضُ أَثۡقَالَهَا﴾.
ثانيًا: يقِف الإنسان آنئذٍ حائرًا مُتسائِلًا عن هذا الذي يحدُثُ في الأرض ﴿وَقَالَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مَا لَهَا﴾.
ثالثًا: تنتقل السورة إلى الغرض الرئيس، وهو إعلام الناس أنَّ كلَّ ما عمِلُوه على الأرض سيُظهِرُه الله، وستشهَد الأرض على ذلك، وسيَرَى الناس أعمالهم هناك محفوظة لهم محصيَّة عليهم ﴿یَوۡمَىِٕذࣲ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا ﴿٤﴾ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوۡحَىٰ لَهَا ﴿٥﴾ یَوۡمَىِٕذࣲ یَصۡدُرُ ٱلنَّاسُ أَشۡتَاتࣰا لِّیُرَوۡاْ أَعۡمَـٰلَهُمۡ﴾.
رابعًا: آنذاك يكون الجزاء الشامل والعادل؛ فليس من كبيرةٍ أو صغيرةٍ إلَّا كان لها وزنها في ميزان الله ﴿فَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَیۡرࣰا یَرَهُۥ ﴿٧﴾ وَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةࣲ شَرࣰّا یَرَهُۥ﴾.


﴿إِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَا﴾ تكرَّر هذا المعنى بألفاظٍ أخرى في القرآن الكريم؛ مثل: ﴿إِذَا رُجَّتِ ٱلۡأَرۡضُ رَجࣰّا﴾ [الواقعة: 4]، و﴿یَوۡمَ تَرۡجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ﴾ [النازعات: 6]، وكلمة ﴿زِلۡزَالَهَا﴾ مفعولٌ مُطلقٌ يُفيد التأكيد، وإضافته إلى الأرض يُفيد اختصاصه بها وتمكُّنه منها.
﴿وَأَخۡرَجَتِ ٱلۡأَرۡضُ أَثۡقَالَهَا﴾ أي: كلّ ما في باطنها، وهذا نظيرُ قوله تعالى: ﴿وَأَلۡقَتۡ مَا فِیهَا وَتَخَلَّتۡ﴾ [الانشقاق: 4].
﴿وَقَالَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مَا لَهَا﴾ أي: ما الذي حدَثَ لها؟
﴿یَوۡمَىِٕذࣲ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا ﴿٤﴾ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوۡحَىٰ لَهَا﴾ ذاك يوم الحساب؛ حيث يأمرها الله تعالى أن تشهَد على أهلها بما فعَلُوه على ظهرها.
﴿یَوۡمَىِٕذࣲ یَصۡدُرُ ٱلنَّاسُ أَشۡتَاتࣰا﴾ أي: ينصرِفون بعد الحَشر مختلفين على حسب أعمالهم؛ فأهل الخير فريقٌ، وأهل الشرِّ فريقٌ.
﴿لِّیُرَوۡاْ أَعۡمَـٰلَهُمۡ﴾ أي: ليرَوا نتائج أعمالهم، ولا يبعُد أنَّهم سيرَون أعمالهم أيضًا؛ فالناس الآن يتداولون التسجيلات المصوَّرة والموثَّقة لبعض أنشطتهم بهذه الأجهزة الحديثة، فما بالُك بذلك اليوم!
﴿فَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَیۡرࣰا یَرَهُۥ ﴿٧﴾ وَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةࣲ شَرࣰّا یَرَهُۥ﴾ ذِكرُ مِثقال الذَّرة هنا يعني: دِقَّة التوثيق، ودِقَّة الحساب، ودلالته على عظائم الأعمال وكبائرها أَولَى.