{والخيلَ والبغالَ والحميرَ}: سخَّرناها لكم؛ {لتَرْكَبوها وزينةً}؛ أي: تارة تستعملونها للضرورة في الركوب، وتارة لأجل الجمال والزينة، ولم يذكر الأكل؛ لأنَّ البغال والحمير محرَّم أكلها، والخيل لا تستعمل في الغالب للأكل، بل يُنهى عن ذبحها لأجل الأكل خوفاً من انقطاعها، وإلاَّ؛ فقد ثبت في «الصحيحين» أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أذن في لحوم الخيل. {ويخلق ما لا تعلمونَ}: مما يكون بعد نزول القرآن من الأشياء التي يركبها الخلقُ في البَرِّ والبحرِ والجوِّ ويستعملونها في منافعهم ومصالحهم؛ فإنَّه لم يذكُرْها بأعيانها؛ لأنَّ الله تعالى لم يذكر في كتابه إلا ما يعرفُهُ العباد أو يعرفون نظيرَه، وأمَّا ما ليس له نظيرٌ؛ فإنَّه لو ذُكِرَ؛ لم يعرِفوه ولم يفهموا المراد منه، فيَذْكُرُ أصلاً جامعاً يدخُلُ فيه ما يعلمون وما لا يعلمون؛ كما ذكر نعيم الجنة، وسمَّى منه ما نعلم ونشاهد نظيره؛ كالنخل والأعناب، والرمَّان وأجمل ما لا نعرف له نظيراً في قوله: {فيهما من كلِّ فاكهةٍ زوجانِ}؛ فكذلك هنا ذكر ما نعرفه من المراكب؛ كالخيل والبغال والحمير والإبل والسفن، وأجمل الباقي في قوله: {ويَخْلُقُ ما لا تعلمون}.